الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ طسۤمۤ } * { تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } * { نَتْلُواْ عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ بِٱلْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } * { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي ٱلأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَآئِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَآءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ } * { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَارِثِينَ } * { وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَحْذَرُونَ }

سورة القصص من السور التى افتتحت ببعض الحروف الهجائية. وقد رجحنا أن هذه الحروف، قد افتتحت بها بعض سور القرآن الكريم، للإِيقاظ والتنبيه للذين تحداهم القرآن الكريم. فكأن الله - تعالى - يقول لهؤلاء المعارضين فى أن القرآن من عند الله - تعالى - هاكم القرآن ترونه مؤلفا من حروف هى من جنس الحروف الهجائية، ومنظوما من كلام هو من جنس ما تؤلفون منه كلامكم. فإن كنتم فى شك فى كون هذا القرآن من عند الله، فهاتوا مثله، أو عشر سور من مثله أو سورة واحدة من مثله وادعوا من شئتم من الخلق لكى يعاونكم فى ذلك. فلما عجزوا - وهم أهل الفصاحة والبيان - ثبت أن غيرهم أعجز، وأن هذا القرآن من عند الله - تعالى -. و { تِلْكَ } اسم إشارة، والمشار إليه الآيات. والمراد بها آيات القرآن الكريم، ويندرج فيها آيات هذه السورة التى معنا. { ٱلْكِتَابِ } مصدر كتب كالكتب. وأصله ضم أديم ألى آخر بالخياطة، واستعمل عرفا فى ضم الحروف بعضها إلى بعض بالخط. والمراد به القرآن الكريم. و { ٱلْمُبِينِ } أى الواضح المظهر للحق من الباطل، من أبان بمعنى أظهر. أى تلك الآيات التى أنزلناها عليك - أيها الرسول الكريم - هى آيات الكتاب المظهر للحق من الباطل، والموضح للخير من الشر، والكاشف عن حقائق الأمور، وعن قصص الأولين. ثم بين - سبحانه - ما سيقصه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى هذه السورة فقال { نَتْلُواْ عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ بِٱلْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }. وقوله - تعالى - { نَتْلُواْ } من التلاوة بمعنى القراءة المرتلة التى يقصد منها التذكير والإِرشاد. والنبأ الخبر العظيم المشتمل على أمور من شأنها أن يهتم الناس بها. وموسى - عليه السلام - هو ابن عمران بن يصهر بن ماهيث بن لاوى بن يعقوب - عليه السلام - وكانت ولادة موسى فى حوالى القرن الثالث عشر قبل الميلاد. وفرعون اسم كان يطلق فى القديم على كل ملك لمصر، كما يقال لملك الروم قيصر، ولملك اليمن تبع. ويرى كثير من المؤرخين أن فرعون مصر، الذى ولد وبعث فى عهده موسى - عليه السلام - هو منفتاح ابن الملك رمسيس الثانى. قال الآلوسى ما ملخصه والظاهر أن { مِن } فى قوله { نَتْلُواْ عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ.. } تبعيضية. والجار والمجرور متعلق بمحذوف وقع صفة لمفعول { نَتْلُواْ } المحذوف. وقوله { ٱلْحَقِّ } حال من فاعل { نَتْلُواْ } أى نتلو ملتبسين بالحق، أو من مفعوله، أى نتلو شيئا من نبئهما ملتبسا بالحق... والمعنى نتلو عليك - أيها الرسول الكريم - تلاوة كلها حق وصدق، شيئا عجيبا، وخبرا هاما، يتعلق بقصة موسى - عليه السلام - وبقصة فرعون.

السابقالتالي
2 3