الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَلَمَّا جَآءَهُم مُّوسَىٰ بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُواْ مَا هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِيۤ آبَآئِنَا ٱلأَوَّلِينَ } * { وَقَالَ مُوسَىٰ رَبِّيۤ أَعْلَمُ بِمَن جَآءَ بِٱلْهُدَىٰ مِنْ عِندِهِ وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ ٱلدَّارِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّالِمُونَ } * { وَقَالَ فِرْعَوْنُ يٰأَيُّهَا ٱلْملأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يٰهَامَانُ عَلَى ٱلطِّينِ فَٱجْعَل لِّي صَرْحاً لَّعَلِّيۤ أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } * { وَٱسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لاَ يُرْجَعُونَ } * { فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ وَيَوْمَ ٱلْقِيامَةِ لاَ يُنصَرُونَ } * { وَأَتْبَعْنَاهُم فِي هَذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ القِيَامَةِ هُمْ مِّنَ ٱلْمَقْبُوحِينَ } * { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ ٱلأُولَىٰ بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }

المراد بالآيات فى قوله - تعالى - { فَلَمَّا جَآءَهُم مُّوسَىٰ بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ } العصا واليد. وجمعهما تعظيم لشأنهما، ولاشتمال كل واحدة منهما على دلائل متعددة على صدق موسى - عليه السلام - فيما جاء به من عند ربه - تعالى -. والمعنى ووصل موسى إلى فرعون وقومه، ليأمرهم بعبادة الله وحده، فلما جاءهم بالمعجزات التى أيدناه بها، والتى تدل على صدقه دلالة واضحة. { قَالُواْ } له على سبيل التبجح والعناد { مَا هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّفْتَرًى } أى قالوا له ما هذا الذى جئت به يا موسى إلا سحر أتيت به من عند نفسك. ثم أكدوا قولهم الباطل هذا بآخر أشد منه بطلانا، فقالوا - كما حكى القرآن عنهم - { وَمَا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِيۤ آبَآئِنَا ٱلأَوَّلِينَ }. أى وما سمعنا بهذا الذى جئتنا به يا موسى، من الدعوة إلى عبادة الله وحده ومن إخبارك لنا بأنك نبى... ما سمعنا بشىء من هذا كائنا أو واقعا فى عهد آبائنا الأولين وقولهم هذا يدل على إعراضهم عن الحق، وعكوفهم على ما ألفوه بدون تفكر أو تدبر وقد رد عليهم موسى ردا منطقيا حكيما، حكاه القرآن فى قوله { وَقَالَ مُوسَىٰ رَبِّيۤ أَعْلَمُ بِمَن جَآءَ بِٱلْهُدَىٰ مِنْ عِندِهِ.. }. أى وقال موسى فى رده على فرعون وملئه ربى الذى خلقنى وخلقكم، أعلم منى ومنكم بمن جاء بالهدى والحق من عنده، وسيحكم بينى وبينكم بحكمه العادل. ولم يصرح موسى - عليه السلام - بأنه يريد نفسه، بالإِتيان بالهداية لهم من عند الله - تعالى - ليكفكف من عنادهم وغرورهم، وليرخى لهم حبل المناقشة، حتى يخرس ألسنتهم عن طريق المعجزات التى أيده الله - تعالى - بها. وقوله { وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ ٱلدَّارِ } معطوف على ما قبله. أى وربى - أيضا - أعلم منى ومنكم بمن تكون له النهاية الحسنة، والعاقبة الحميدة. قال الآلوسى وقوله { وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ ٱلدَّارِ } وهى الدنيا، وعاقبتها أن يختم للإِنسان بها، بما يفضى به إلى الجنة بفضل الله - تعالى - وكرمه. وقوله - سبحانه - { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّالِمُونَ } تذييل قصديه ببان سنة من سننه - تعالى - التى لا تتخلف أى أنه - سبحانه - قد اقتضت سنته أن لا يفوز الظالمون بمطلوب بل الذين يفوزون بالعاقبة الحميدة هم الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا. ولكن هذا الرد المهذب الحكيم من موسى - عليه السلام -، لم يعجب فرعون المتطاول المغرور فأخذ فى إلقاء الدعاوى الكاذبة، التى حكاها القرآن عنه فى قوله { وَقَالَ فِرْعَوْنُ يٰأَيُّهَا ٱلْملأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي }. أى وقال فرعون لقومه - على سبيل الكذب والفجور - يأيها الأشراف من أتباعى.

السابقالتالي
2 3 4