الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذَا وَقَعَ ٱلْقَوْلُ عَلَيْهِم أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَآبَّةً مِّنَ ٱلأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ ٱلنَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ } * { وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ } * { حَتَّىٰ إِذَا جَآءُو قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُواْ بِهَا عِلْماً أَمَّا ذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { وَوَقَعَ ٱلْقَوْلُ عَلَيهِم بِمَا ظَلَمُواْ فَهُمْ لاَ يَنطِقُونَ } * { أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا ٱلْلَّيْلَ لِيَسْكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } * { وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ } * { وَتَرَى ٱلْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ صُنْعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِيۤ أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ }

قال الإِمام ابن كثير هذه الدابة تخرج فى آخر الزمان عند فساد الناس، وتركهم أوامر الله، وتبديلهم الدين الحق، يخرج الله لهم دابة من الأرض قيل من مكة، وقيل من غيرها. ثم ذكر - رحمه الله - جملة من الأحاديث فى هذا المعنى منها ما رواه مسلم عن حذيفة بن أسيد الغفارى قال " أشرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من غرفته، ونحن نتذاكر أمر الساعة فقال لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات طلوع الشمس من مغربها، والدخان، والدابة، وخروج يأجوج ومأجوج، ونزول عيسى بن مريم، والدجال، و ثلاثة خسوف خسف بالمغرب، وخسف بالمشرق، وخسف بجزيرة العرب، ونار تخرج من قعر عدن، تسوق - أو تحشر - الناس، تبيت معهم حيث باتوا - وتقيل معهم حيث قالوا ". والدابة اسم لكل حيوان ذى روح، سواء أكان ذكرا أم أنثى، عاقلا أم غير عاقل، من الدبيب وهو فى الأصل المشى الخفيف، واختصت فى العرف بذوات القوائم الأربع. والمراد بوقوع القول عليهم قرب قيام الساعة، وانتهاء الوقت الذى يقبل فيه الإِيمان من الكافر. أو الذى تنفع فيه التوبة. والمعنى إذا دنا وقت قيام الساعة. وانتهى الوقت الذى ينفع فيه الإِيمان أو التوبة.. أخرجنا للناس بقدرتنا وإرادتنا، دابة من الأرض تكلمهم، فيفهمون كلامها، ويعرفون أن موعد قيام الساعة قد اقترب. و { أَنَّ ٱلنَّاسَ } أى الكافرين { كَانُوا بِآيَاتِنَا } الدالة على وحدانيتنا وقدرتنا { لاَ يُوقِنُونَ } بها، ولا يصدقون أن هناك بعثا وحسابا. فخروج الدابة علامة من علامات الساعة الكبرى، يخرجها الله - عز وجل - ليعلم الناس قرب انتهاء الدنيا وأن الحساب العادل للمؤمنين والكافرين، آت لا شك فيه، وأن التوبة لن تقبل فى هذا الوقت، لأنها جاءت فى غير وقتها المناسب. وقد ذكر بعض المفسرين أوصافا كثيرة، منها أن طولها ستون ذراعا وأن رأسها رأس ثور، وأذنها أذن فيل، وصدرها صدر أسد.. الخ. ونحن نؤمن بأن هناك دابة تخرج فى آخر الزمان، وأنها تكلم الناس بكيفية يعلمها الله - عز وجل - أمَّا ما يتعلق بالمكان الذى تخرج منه هذه الدابة، وبالهيئة التى تكون عليها من حيث الطول والقصر، فنكل ذلك إلى علمه - سبحانه - حيث لم يرد حديث صحيح يعتمد عليه فى بيان ذلك. وقوله - سبحانه - { وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ } بيان إجمالى لحال المكذبين بالساعة عند قيامها، بعد بيان بعض أشراطها. والظرف متعلق بمحذوف. والحشر الجمع، قالوا والمراد بهذا الحشر حشر الكافرين إلى النار، بعد حشر الخلائق جميعها، والفصل بينهم. والفوج يطلق فى الأصل على الجماعة التى تسير بسرعة، ثم توسع فيه فصار يطلق على كل جماعة، وإن لم يكن معها مرور أو إسراع.

السابقالتالي
2 3 4