الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ } * { قَالَ يٰقَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِٱلسَّيِّئَةِ قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ لَوْلاَ تَسْتَغْفِرُونَ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } * { قَالُواْ ٱطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ ٱللَّهِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ } * { وَكَانَ فِي ٱلْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ } * { قَالُواْ تَقَاسَمُواْ بِٱللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ } * { وَمَكَرُواْ مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } * { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ } * { فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوۤاْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } * { وَأَنجَيْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ }

قوله - سبحانه - { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً.. } معطوف على قوله - تعالى -وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً } واللام فى قوله { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَآ.. } جواب لقسم محذوف، و { ثَمُودَ } اسم للقبيلة التى منها صالح - عليه السلام -، سميت باسم جدها ثمود. وقيل سميت بذلك لقلة مائها، لأن الثمد هو الماء القليل. وكانت مساكنهم بالحجر - بكسر الحاء وسكون الجيم -، وهو مكان بين الحجاز والشام، ومازلت مساكنهم تعرف بمدائن صالح إلى اليوم. وقد مر النبى صلى الله عليه وسلم بديارهم، وهو ذاهب إلى غزوة تبوك، سنة تسع بعد الهجرة. وصالح - عليه السلام - هو نبيهم، وكان واحدا منهم، وينتهى نسبه إلى نوح - عليه السلام - وقبيلة ثمود تسمى عادا الثانية، أما قبيلة عاد فتسمى عادا الأولى، ونبيهم هود - عليه السلام - قالوا وكان بين القبيلتين زهاء مائة عام. والمعنى وبالله لقد أرسلنا إلى قبيلة ثمود، أخاهم صالحا - عليه السلام -، فقال لهم ما قاله كل نبى لقومه { أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } - تعالى - وحده، ولا تشركوا معه آلهة أخرى. و " إذا " فى قوله - تعالى - { فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ } هى الفجائية و { يَخْتَصِمُونَ } من المخاصمة بمعنى المجادلة والمنازعة. أى أرسلنا نبينا صالحا إلى قومه، فكانت المفاجأة أن انقسم قومه إلى قسمين قسم آمن به - وهم الأقلون -، وقسم كفر به - وهم الأكثرون. وهذه الخصومة بين الفريقين، قد أشار إليها القرآن فى قوله - تعالى -قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ قَالُوۤاْ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوۤاْ إِنَّا بِٱلَّذِيۤ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } وقوله - تعالى - { قَالَ يٰقَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِٱلسَّيِّئَةِ قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ... } بيان لما وجهه صالح إلى الكافرين من قومه، من نصائح حكيمة... أى قال صالح - عليه السلام - للمكذبين لرسالته من قومه بأسلوب رقيق حكيم يا قوم لماذا كلما دعوتكم إلى الحق أعرضتم عن دعوتى، وآثرتم الكفر على الإيمان، واستعجلتم عقوبة الله - تعالى - التى حذرتكم منها، قبل أن تتضرعوا إليه - سبحانه - بطلب الهداية والرحمة. وقوله { لَوْلاَ تَسْتَغْفِرُونَ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } حض منه على الإِقلاع عما هم فيه من عناد وضلال. أى هلا استغفرتم الله - تعالى - وأخلصتم له العبادة، واتبعتمونى فيما أدعوكم إليه، لكى يرحمكم ربكم ويعفو عنكم. فالمراد بالسيئة العذاب الذى تعجلوه، والذى أشار إليه - سبحانه - فى قولهفَعَقَرُواْ ٱلنَّاقَةَ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُواْ يَاصَالِحُ ٱئْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ }

السابقالتالي
2 3 4