الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } * { ٱذْهَب بِّكِتَابِي هَـٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَٱنْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ } * { قَالَتْ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ إِنِّيۤ أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ } * { إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ } * { أَلاَّ تَعْلُواْ عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } * { قَالَتْ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ أَفْتُونِي فِيۤ أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ } * { قَالُواْ نَحْنُ أُوْلُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَٱلأَمْرُ إِلَيْكِ فَٱنظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ } * { قَالَتْ إِنَّ ٱلْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوۤاْ أَعِزَّةَ أَهْلِهَآ أَذِلَّةً وَكَذٰلِكَ يَفْعَلُونَ } * { وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ ٱلْمُرْسَلُونَ }

قوله - سبحانه - { قَالَ سَنَنظُرُ.. } حكاية لما قاله سليمان - عليه السلام - فى رده على الهدهد، الذى قال له فى تبرير عذرهأَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ.. } إلخ. والفعل " ننظر " من النظر بمعنى التأمل فى الأمور، والتدبر فى أحوالها، والسين للتأكيد. أى قال سليمان للهدهد بعد أن استمع إلى حجته سننظر - أيها الهدهد - فى أقوالك، ونرى أكنت صادقاً فيها، أم أنت من الكاذبين. وهكذا نرى نبى الله سليمان - وهو العاقل الحكيم - لا يتسرع فى تصديق الهدهد أو تكذيبه، ولا يخرجه النبأ العظيم الذى جاءه به الهدهد، عن اتزانه ووقاره، وإنما يبنى أحكامه على ما سيسفر عنه تحققه من صدق خبره أو كذبه. وهذا هو اللائق بشأن النبى الكريم سليمان، الذى آتاه الله - تعالى - النبوة والملك والحكمة. قال القرطبى " وقوله { سَنَنظُرُ } من النظر الذى هو التأمل والتصفح. { أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } أى فى مقالتك. و { كُنتَ } بمعنى أنت وقال { سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ } ولم يقل سننظر فى أمرك، لأن الهدهد لما صرح بفخر العلم فى قولهأَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ } صرح له سليمان بقوله سننظر أصدقت أم كذبت، فكان ذلك كفاء لما قاله ". وقوله - تعالى - { ٱذْهَب بِّكِتَابِي هَـٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَٱنْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ } بيان لما أمر به سليمان - عليه السلام - الهدهد، بعد أن قال له سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين. أى خذ - أيها الهدهد - كتابى هذا. فاذهب به إلى هؤلاء القوم من أهل سبأ، { ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ } أى ثم انصرف عنهم إلى مكان قريب منهم { فَٱنْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ } أى فتأمل ماذا يقول بعضهم لبعض، وبماذا يراجع بعضهم بعضاً، ثم أخبرنى بذلك. قال ابن كثير وذلك أن سليمان - عليه السلام - كتب كتاباً إلى بلقيس وقومها، وأعطاه لذلك الهدهد فحمله... وذهب به إلى بلادهم، فجاء فى قصر بقليس. إلى الخلوة التى كانت تختلى فيها بنفسها، فألقاه إليها من كوة هنالك بين يديها. ثم تولى ناحية أدبا، فتحريت مما رأت. وهالها ذلك، ثم عمدت إلى الكتاب فأخذته، ففتحت ختمه وقرأته.. ". وقال صاحب الكشاف " فإن قلت لم قال فألقه إليهم. على لفظ الجمع؟ قلت لأنه قالوَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ } فقال فألقهِ إلى الذين هذا دينهم، اهتماماً منه بأمر الدين، واشتغالاً به عن غيره. وبنى الخطاب فى الكتاب على لفظ الجمع لذلك ". ثم بين - سبحانه - ما فعلته ملكة سبأ، بعد أن جاءها كتاب سليمان - عليه السلام -، فقال - تعالى - { قَالَتْ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ إِنِّيۤ أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ أَلاَّ تَعْلُواْ عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ }.

السابقالتالي
2 3