الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ طسۤ تِلْكَ آيَاتُ ٱلْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ } * { هُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } * { ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُم بِٱلآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَهُمْ سُوۤءُ ٱلْعَذَابِ وَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ هُمُ ٱلأَخْسَرُونَ } * { وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى ٱلْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ }

سورة النمل من السور التى افتتحت ببعض الحروف المقطعة، وهو قوله - تعالى - { طسۤ }. وقد ذكرنا آراء العلماء فى هذه الحروف المقطعة بشىء من التفصيل عند تفسيرنا لسور البقرة، وآل عمران، والأعراف، ويونس، وهود، ويوسف... إلخ. وقلنا ما خلاصته لعل أقرب الأقوال إلى الصواب، أن هذه الحروف المقطعة. قد رودت فى افتتاح بعض السور، على سبيل الإِيقاظ والتنبيه، للذين تحداهم القرآن. فكأن الله - تعالى - يقول لأولئك الكافرين الذين زعموا أن هذا القرآن ليس من عنده - تعالى - هاكم القرآن ترونه مؤلفاً من كلام هو من جنس ما تؤلفون منه كلامكم، ومنظوماً من حروف هى من جنس الحروف الهجائية، التى تنظمون منها حروفكم، فإن كنتم فى شك فى أنه من عند الله - تعالى - فهاتوا مثله، أو هاتوا عشر سور من مثله، أو هاتوا سورة واحدة من مثله. فعجزوا وانقلبوا خاسرين، وثبت أن هذا القرآن من عند الله - عز وجل -. واسم الإِشارة { تِلْكَ } يعود إلى الآيات القرآنية التى تضمنتها هذه السورة الكريمة. أو إلى جميع آيات القرآن التى نزلت قبل ذلك. وهو - أى لفظ { تِلْكَ } - مبتدأ وخبره قوله - سبحانه - { آيَاتُ ٱلْقُرْآنِ } ، أى تلك الآيات الحكيمة التى أنزلناها إليك - إيها الرسول الكريم - هى آيات القرآن، الذى أنزلناه إليك لتخرج الناس به من ظلمات الكفر إلى نور الإِيمان. فإضافة الآيات إلى القرآن لتعظيم شأنها، وسمو منزلتها. وقوله - تعالى - { وَكِتَابٍ مُّبِينٍ } معطوف على القرآن من باب عطف إحدى الصفتين على الأخرى، كقولهم هذا فعل فلان السخى والجواد الكريم. قال الآلوسى " والمبين وإما من أبان المتعدى، أى مظهر ما فى تضاعيفه من الحكم والأحكام وأحوال القرون الأولى... وإما من أبان اللازم، بمعنى بان. أى ظاهر الإِعجاز. وهو على الاحتمالين، صفة مادحة لكتاب، مؤكدة لما أفاده التنوين من الفخامة.. ". وقوله - تعالى - { هُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } فى حيز النصب على الحالية من قوله { آيَاتُ } ولفظ { هُدًى } مصدر هداه هدى وهداية، ومعناه الدلالة الموصلة إلى البغية. و { وَبُشْرَىٰ } الخبر السار. فهى أخص من مجرد الخبر، وسمى الخبر السار بشرى، لأن أثره يظهر على البشرة، وهى ظاهر جلد الإِنسان. أى أنزلنا إليك - أيها الرسول الكريم - هذه الآيات القرآنية، حالة كونها هداية للمؤمنين إلى طريق السعادة والفلاح، وبشارة لهم بما يشرح صدروهم، ويدخل الفرح والسرور على نفوسهم. وخص - سبحانه - المؤمنين بذلك، لأنهم المنتفعون بهذه الهداية والبشارة، دون سواهم من الكافرين والنافقين. قال - تعالى -قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ وَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِيۤ آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَـٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ }

السابقالتالي
2 3