الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذْ نَادَىٰ رَبُّكَ مُوسَىٰ أَنِ ٱئْتِ ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } * { قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ } * { قَالَ رَبِّ إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ } * { وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلاَ يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَىٰ هَارُونَ } * { وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ } * { قَالَ كَلاَّ فَٱذْهَبَا بِآيَاتِنَآ إِنَّا مَعَكُمْ مُّسْتَمِعُونَ } * { فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولاۤ إِنَّا رَسُولُ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ }

موسى - عليه السلام - هو ابن عمران، وينتهى نسبه إلى يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم - عليهم السلام - ويرجح المؤرخون أن ولادته كانت فى القرن الثالث عشر قبل ميلاد عيسى - عليه السلام - وأن بعثته كانت فى عهد منفتاح بن رمسيس الثانى. وقد وردت قصة موسى مع فرعون وقومه، ومع إسرائيل فى كثير من سور القرآن الكريم تارة بصورة فيها شىء من التفصيل، وتارة بصورة فيها شىء من الاختصار والتركيز، تبعا لمقتضى الحال الذى وردت من أجله. وقد وردت هنا وفى سورة الأعراف وفى سورة طه. وفى سورة القصص بأسلوب فيه بسطة وتفصيل. لقد افتتحت هنا بقوله - تعالى - { وَإِذْ نَادَىٰ رَبُّكَ مُوسَىٰ أَنِ ٱئْتِ ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ }. وهذا النداء كان بالوادى المقدس طوى، كما جاء فى سورة طه وفى سورة النازعات. أى واذكر - أيها الرسول الكريم - وقت أن نادى ربك نبيه موسى قائلا له اذهب إلى القوم الظالمين لتبلغهم رسالتى، وتأمرهم بإخلاص العبادة لى. وقوله { قَوْمَ فِرْعَوْنَ } بدل أو عطف بيان، ووصفهم - سبحانه - بالظلم لعبادتهم لغيره، ولعدوانهم على بنى إسرائيل بقتل الذكور، واستبقاء النساء. وقوله - تعالى - { أَلا يَتَّقُونَ } تعجيب من حالهم. أى ائتهم يا موسى وقل لهم ألا يتقون الله - تعالى - ويخشون عقابه. ويكفون عن كفرهم وظلمهم. ثم حكى - سبحانه - رد موسى فقال { قَالَ رَبِّ إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ }. أى قال موسى فى الإِجابة على ربه - عز وجل - يا رب إنى أعرف هؤلاء القوم، وأعرف ما هم عليه من ظلم وطغيان، وإنى أخاف تكذيبهم لى عندما أذهب إليهم لتبليغ وحيك { وَيَضِيقُ صَدْرِي } أى وينتابنى الغم والهم بسبب تكذيبهم لى.. { وَلاَ يَنطَلِقُ لِسَانِي } أى وليس عندى فصاحة اللسان التى تجعلنى أظهر ما فى نفسى من تفنيد لأباطيلهم، ومن إزهاق لشبهاتهم، خصوصا عند اشتداد غضبى عليهم. { فَأَرْسِلْ إِلَىٰ هَارُونَ } أى فأرسل وحيك الأمين إلى أخى هارون، ليكون معينا لى على تبليغ ما تكلفنى بتبليغه. { وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ } حيث إنى قتلت منهم نفسا { فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ } عندما أذهب إليهم، على سبيل القصاص منى. فأنت ترى أن موسى - عليه السلام - قد شكا إلى ربه خوفه من تكذيبهم وضيق صدره من طغيانهم، وعقدة فى لسانه، وخشيته من قتلهم له عندما يرونه. وليس هذا من باب الامتناع عن أداء الرسالة، أو الاعتذار عن تبليغها. وإنما هو من باب طلب العون من الله - تعالى - والاستعانة به - عز وجل - على تحمل هذا الأمر والتماس الإِذن منه - فى إرسال هارون معه.

السابقالتالي
2