الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِيَسْتَأْذِنكُمُ ٱلَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ وَٱلَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُواْ ٱلْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ مِّن قَبْلِ صَـلَٰوةِ ٱلْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَـٰبَكُمْ مِّنَ ٱلظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَٰوةِ ٱلْعِشَآءِ ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَٰفُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلأَيَـٰتِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { وَإِذَا بَلَغَ ٱلأَطْفَالُ مِنكُمُ ٱلْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُواْ كَمَا ٱسْتَأْذَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { وَٱلْقَوَاعِدُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ ٱلَّلاَتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عِلِيمٌ }

ذكر المفسرون فى سبب نزول قوله - تعالى - { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِيَسْتَأْذِنكُمُ... } روايات منها أن امرأة يقال لها أسماء بنت أبى مرثد، دخل عليها غلام كبير لها، فى وقت كرهت دخوله فيه، فأتت النبى صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله، إن خدمنا وغلماننا يدخلون علينا فى حال نكرهها، فأنزل الله تعالى هذه الآية ومنها ما روى من أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعث فى وقت الظهيرة غلاما من الأنصار يقال له مدلج، إلى عمر بن الخطاب، فدق الغلام الباب على عمر - وكان نائما - فاستيقظ، وجلس فانكشف منه شىء فقال عمر لوددت أن الله - تعالى - نهى آباءنا وأبناءنا وخدمنا عن الدخول علينا فى هذه الساعة إلا بإذن ثم انطلق عمر مع الغلام إلى النبى صلى الله عليه وسلم فوجد هذه الآية قد نزلت فخر ساجدا لله - تعالى -. وقد صدرت الآية الكريمة بندائهم بصفة الإِيمان. لحضهم على الامتثال لما اشتملت عليه من آداب قويمة. وتوجيهات حكيمة. واللام فى قوله { لِيَسْتَأْذِنكُمُ } هى لام الأمر والمراد بما ملكت أيمانهم الأرقاء سواء أكانوا ذكورا أم إناثا، ويدخل فيهم الخدم ومن على شاكلتهم. والمراد بالذين لم يبلغوا الحلم. الأطفال الذين فى سن الصبا ولم يصلوا إلى سن البلوغ إلا أنهم يعرفون معنى العورة ويميزون بين ما يصح الاطلاع عليه وما لا يصح. والمعنى يا من آمنتم بالله حق الإِيمان من الرجال، والنساء، عليكم أن تمنعوا مماليككم وخدمكم وصبيانكم الذين لم يبلغوا سن البلوغ، من الدخول عليكم فى مضاجعكم بغير إذن فى هذه الأوقات الثلاثة، خشية أن يطلعوا منكم على ما لا يصح الاطلاع عليه. فقوله - تعالى - { ثَلاَثَ مَرَّاتٍ } تحديد للأوقات المنهى عن الدخول فيها بدون استئذان، أى ثلاث أوقات فى اليوم والليلة. ثم بين - سبحانه - هذه الأوقات فقال { مِّن قَبْلِ صَـلَوٰةِ ٱلْفَجْرِ } وذلك لأن هذا الوقت يقوم فيه الإِنسان من النوم عادة، وقد يكون متخففا من ثيابه. ولا يجب أن يراه أحد وهو على تلك الحالة. { وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَـٰبَكُمْ مِّنَ ٱلظَّهِيرَةِ } أى وحين تخلعون ثيابكم وتطرحونها فى وقت الظهيرة، عند شدة الحر، لأجل التخفيف منها وارتداء ثياب أخرى أرق من تلك الثياب، طلبا للراحة واستعدادا للنوم. { وَمِن بَعْدِ صَلَوٰةِ ٱلْعِشَآءِ } لأن هذا الوقت يتجرد فيه الإِنسان من ثياب اليقظة، ليتخذ ثيابا أخرى للنوم. وقوله - سبحانه - { ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ } خبر مبتدأ محذوف، والعورات جمع عورة. وتطلق على ما يجب ستره من الإِنسان، وهى - كما يقول الراغب - مأخوذة من العار، وذلك لأن المظهر لها يلحقه العار والذم بسبب ذلك.

السابقالتالي
2 3