الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنِ ٱللَّغْوِ مُّعْرِضُونَ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَـاةِ فَاعِلُونَ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ } * { إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } * { فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذٰلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْوَارِثُونَ } * { ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

أخرج الإمام أحمد والترمذى والنسائى عن عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - قال كان إذا نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي، نسمع عند وجهه كدوى النحل، فأنزل عليه يوماً، فمكثنا ساعة فسرى عنه، فاستقبل القبلة، فرفع يديه فقال " اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وارض عنا وأرضنا. ثم قال لقد أنزلت على عشر آيات، من أقامهن دخل الجنة، ثم قرأ { قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ } إلى قوله { هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } ". وأخرج النسائى عن يزيد بن بابنوس قال قلنا لعائشة يا أم المؤمنين، كيف كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت كان خلقه القرآن، ثم قرأت { قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ } حتى انتهت إلى قوله - تعالى - { وَٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ } وقالت هكذا كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم. والفلاح الظفر بالمراد، وإدراك المأمول من الخير والبر مع البقاء فيه. والخشوع السكون والطمأنينة، ومعناه شرعاً خشية فى القلب من الله - تعالى - تظهر آثارها على الجوارح فتجعلها ساكنة مستشعرة أنها واقفة بين يدى الله - سبحانه -. والمعنى قد فاز وظفر بالمطلوب، أولئك المؤمنون الصادقون، الذين من صفاتهم أنهم فى صلاتهم خاشعون، بحيث لا يشغلهم شىء وهم فى الصلاة عن مناجاة ربهم، وعن أدائها بأسمى درجات التذلل والطاعة. ومن مظاهر الخشوع أن ينظر المصلى وهو قائم إلى موضع سجوده، وأن يتحلى بالسكون والطمأنينة، وأن يترك كل ما يخل بخشوعها كالعبث بالثياب أو بشىء من جسده، فقد أبصر النبى صلى الله عليه وسلم رجلاً يعبث بلحيته فى الصلاة فقال " لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه ". قال القرطبى " اختلف الناس فى الخشوع هل هو من فرائض الصلاة أو مكملاتها على قولين، والصحيح الأول ومحله القلب، وهو أول عمل يرفع من الناس... ". وقوله - سبحانه - { وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنِ ٱللَّغْوِ مُّعْرِضُونَ } بيان لصفة ثانية من صفات هؤلاء المؤمنين. واللغو ما لا فائدة فيه من الأقوال والأعمال. فيدخل فيه اللهو والهزل وكل ما يخل بالمروءة وبآداب الإسلام. أى أن صفات هؤلاء المؤمنين أنهم ينزهون أنفسهم عن الباطل والساقط من القول أو الفعل، ويعرضون عن ذلك فى كل أوقاتهم لأنهم لحسن صلتهم بالله - تعالى - اشتغلوا بعظائم الأمور وجليلها لا بحقيرها وسفسافها، وهم كما وصفهم الله - سبحانه - فى آية أخرىوَإِذَا سَمِعُواْ ٱللَّغْوَ أَعْرَضُواْ عَنْهُ } وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً } أما الصفة الثالثة من صفاتهم فقد بينها - سبحانه - بقوله { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَـاةِ فَاعِلُونَ }.

السابقالتالي
2 3