الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلَّتِيۤ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَٱبْنَهَآ آيَةً لِّلْعَالَمِينَ }

وقوله { أَحْصَنَتْ } من الإِحصان بمعنى المنع، يقال هذه درع حصينة أى مانعة صاحبها من الجراحة. ويقال هذه امرأة حصينة، أى مانعة نفسها من كل فاحشة بسبب عفتها أو زواجها. أى واذكر - أيضا أيها المخاطب خبر مريم ابنة عمران التى أحصنت فرجها، أى حفظته ومنعته من النكاح منعا كليا. والتعبير عنها بالموصول لتفخيم شأنها، وتنزيهها عن السوء. { فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا } أى فنفخنا فيها من جهة روحنا، وهو جبريل - عليه السلام - حيث أمرناه بذلك فامتثل أمرنا، فنفخ فى جيب درعها، فكان بذلك عيسى ابنها، ويؤيد هذا التفسير قوله - تعالى - فى سورة مريمقَالَ } - أى جبريل لمريم -إِنَّمَآ أَنَاْ رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاَماً زَكِيّاً } أى لأكون سببا فى هبة الغلام لك عن طريق النفخ فى درعك فيصل هذا النفخ إلى الفرج فيكون الحمل بعيسى بإذن الله وإرادته. والمراد بالآية فى قوله - سبحانه - { وَجَعَلْنَاهَا وَٱبْنَهَآ آيَةً لِّلْعَالَمِينَ } الأمر الخارق للعادة، الذى لم يسبقه ولم يأت بعده ما يشابهه. أى وجعلنا مريم وابنها عيسى آية بينة، ومعجزة واضحة دالة على كمال قدرتنا للناس جميعا، إذ جاءت مريم بعيسى دون أن يمسها بشر، ودون أن تكون بغيا. قال صاحب الكشاف " فإن قلت هلا قيل آيتين كما قال - سبحانه -وَجَعَلْنَا ٱلْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ آيَتَيْنِ } قلت لأن حالهما بمجموعهما آية واحدة. وهى ولادتها إياه من غير فحل ". وبعد هذا الحديث المتنوع عن قصص عدد كبير من الأنبياء فى سورة الأنبياء، عقب - سبحانه - على ذلك ببيان أنهم - عليهم السلام - قد جاءوا بعقيدة واحدة، هى إخلاص العبادة لله - تعالى - فقال { إِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ... }.