الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَنُوحاً إِذْ نَادَىٰ مِن قَبْلُ فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ } * { وَنَصَرْنَاهُ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ }

أى واذكر - أيضا - أيها المخاطب عبدنا " نوحا " - عليه السلام - { إِذْ نَادَىٰ مِن قَبْلُ } أى حين نادانا واستجار بنا من قبل زمان إبراهيم ومن جاء بعده من الأنبياء. وهذا النداء الذى نادى به نوح ربه، قد جاء ذكره فى آيات منها قوله - تعالى -وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ ٱلْمُجِيبُونَ وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ } وقوله - سبحانه -وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى ٱلأَرْضِ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ دَيَّاراً } { فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ } أى أجبنا له دعاءه، ولم نخيب له رجاء فينا. { فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ } الذين آمنوا به وصدقوه { مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ } أى من الطوفان العظيم الذى أغرق الكافرين، والذى كانت أمواجه كالجبال. وأصل الكرب الغم الشديد. يقال فلان كربه هذا الأمر، إذا ضايقه وجعله فى أقصى درجات الهم والخوف. قال الآلوسى " وكأنه على ما قيل من كرب الأرض، وهو قلبها بالحفر. إذ الغم يثير النفس إثارة ذلك، أو من كربت الشمس إذا دنت للمغيب، فإن الغم الشديد، تكاد شمس الروح تغرب منه.. وفى وصفه بالعظيم تأكيد لشدته ". { وَنَصَرْنَاهُ } بفضلنا وإحساننا { مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } الدالة على وحدانيتنا وقدرتنا. وعلى أن نوحا رسولا من رسلنا. والمراد بهؤلاء القوم قومه الذين لبث نوح فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما. يدعوهم إلى إخلاص العبادة لله. فلم يؤمن به إلا قليل منهم. { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمَ سَوْءٍ } أى إنهم كانوا قوما يعملون أعمال السوء والقبح { فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ } بسبب إصرارهم على الكفر والعصيان، ولم ننج منهم إلا من اتبع نوحا عليه السلام. ثم ساق - سبحانه - بعد ذلك جانبا من قصة نبيين كريمين هما داود وسليمان فقال - تعالى - { وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ... }.