الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَوْمَ نَطْوِي ٱلسَّمَآءَ كَطَيِّ ٱلسِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ } * { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي ٱلزَّبُورِ مِن بَعْدِ ٱلذِّكْرِ أَنَّ ٱلأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ ٱلصَّالِحُونَ } * { إِنَّ فِي هَـٰذَا لَبَلاَغاً لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ } * { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } * { قُلْ إِنَّمَآ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ } * { فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ ءَاذَنتُكُمْ عَلَىٰ سَوَآءٍ وَإِنْ أَدْرِيۤ أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ } * { إِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلْجَهْرَ مِنَ ٱلْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ } * { وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ } * { قَالَ رَبِّ ٱحْكُم بِٱلْحَقِّ وَرَبُّنَا ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ }

وقوله - سبحانه - { يَوْمَ نَطْوِي ٱلسَّمَآءَ كَطَيِّ ٱلسِّجِلِّ لِلْكُتُبِ.. } الظرف فيه منصوب بقوله - تعالى - قبل ذلكلاَ يَحْزُنُهُمُ ٱلْفَزَعُ ٱلأَكْبَرُ } أو بقوله - سبحانه -وَتَتَلَقَّاهُمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ } وقوله { نَطْوِي } من الطى وهو ضد النشر. والسجل الصحيفة التى يكتب فيها. والمراد بالكتب ما كتب فيها من الألفاظ والمعانى، فالكتب بمعنى المكتوبات. واللام بمعنى على. والمعنى إن الملائكة تتلقى هؤلاء الأخيار الذين سبقت لهم من الله - تعالى - الحسنى بالفرح والسرور، يوم يطوى - سبحانه - السماء طيا مثل طى الصحيفة على ما فيها من كتابات. وفى هذا التشبيه إشعار بأن هذا الطى بالنسبة لقدرته - تعالى - فى منتهى السهولة واليسر، حيث شبه طيه السماء بطى الصحيفة على ما فيها. وقيل إن لفظ { ٱلسِّجِلِّ } اسم لملك من الملائكة، وهو الذى يطوى كتب أعمال الناس بعد موتهم. والإِضافة فى قوله { كَطَيِّ ٱلسِّجِلِّ } من إضافة المصدر إلى مفعوله، والجار والمجرور صفة لمصدر مقدر. أى نطوى السماء طيا كطى الرجل أو الملك الصحيفة على ما كتب فيها. وقرأ أكثر القراء السبعة للكتاب بالإِفراد. ومعنى القراءتين واحد لأن المراد به الجنس فيشمل كل الكتب. وقوله - تعالى - { كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ } بيان لصحة الإِعادة قياسا على البدء، إذ الكل داخل تحت قدرته - عز وجل -. أى نعيد أول خلق إعادة مثل بدئنا إياه، دون أن ينالنا تعب أو يمسنا لغوب، لأن قدرتنا لا يعجزها شىء قال - تعالى -وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ.. } قال صاحب الكشاف " وما أول الخلق حتى يعيده كما بدأه؟ قلت أوله إيجاده من العدم، فكما أوجده أولا عن عدم. يعيده ثانيا عن عدم ". وقوله - تالى - { وَعْداً عَلَيْنَآ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ } تأكيد للإِعادة. ولفظ " وعدا " منصوب بفعل محذوف. و " علينا " فى موضع الصفة له. أى هذه الإِعادة وعدنا بها وعدا كائنا علينا باختيارنا وإرادتنا، إنا كنا محققين هذا الوعد، وقادرين عليه، والعاقل من يقدم فى دنياه العمل الصالح الذى ينفعه عند بعثه للحساب. ثم ساق - سبحانه - سنة من سننه التى لا تتخلف فقال { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي ٱلزَّبُورِ مِن بَعْدِ ٱلذِّكْرِ أَنَّ ٱلأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ ٱلصَّالِحُونَ }. والمراد بالزبور الكتاب المزبور أى المكتوب، مأخوذ من قولهم زبرت الكتاب إذا كتبته. ويشمل هنا جميع الكتب السماوية كالتوراة والإِنجيل والزبور. والمراد بالذكر اللوح المحفوظ الذى هو أم الكتاب. وقيل المراد بالزبور كتاب داود خاصة. وبالذكر التوارة، أو العلم، والمقصود بالأرض هنا أرض الجنة. فيكون المعنى ولقد كتبنا فى الكتب السماوية، من بعد كتابتنا فى اللوح المحفوظ أن أرض الجنة نورثها يوم القيامة لعبادنا الصالحين.

السابقالتالي
2 3 4