الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ } * { إِذْ رَأَى نَاراً فَقَالَ لأَهْلِهِ ٱمْكُثُوۤاْ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّيۤ آتِيكُمْ مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى ٱلنَّارِ هُدًى } * { فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ يٰمُوسَىٰ } * { إِنِّيۤ أَنَاْ رَبُّكَ فَٱخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى } * { وَأَنَا ٱخْتَرْتُكَ فَٱسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىۤ } * { إِنَّنِيۤ أَنَا ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاۤ أَنَاْ فَٱعْبُدْنِي وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِذِكْرِيۤ } * { إِنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ } * { فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لاَّ يُؤْمِنُ بِهَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَىٰ }

قال ابن كثير - رحمه الله - " من ها هنا شرع - تبارك وتعالى - فى ذكر قصة موسى، وكيف كان ابتداء الوحى إليه وتكليمه إياه، وذلك بعد ما قضى موسى الأجل الذى كان بينه وبين صهره فى رعاية الغنم وسار بأهله، قاصدا بلاد مصر بعد ما طالت الغيبة عنها أكثر من عشر سنين، ومعه زوجته فاضل الطريق، وكانت ليلة شاتية، ونزل منزلا بين شعاب وجبال، فى برد وشتاء، وسحاب وظلال وضباب، وجعل يقدح بزند معه ليُورِى نارا، كما جرت العادة به، فجعل لا يقدح شيئا، ولا يخرج منه شرر ولا شىء، فبينما هو كذلك، إذ آنس من جانب الطور نارا. أى ظهرت له نار من جانب الجبل الذى هناك عن يمينه، فقال لأهله يبشرهم {... ٱمْكُثُوۤاْ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّيۤ آتِيكُمْ مِّنْهَا بِقَبَسٍ } أى شهاب من نار... والاستفهام فى قوله - سبحانه - { وَهَلْ أَتَاكَ.. } لتقرير الخبر وتثبيته، وهذا أبلغ عن مجيئه بصورة الخبر المجرد. لأن فى الاستفهام التقريرى تطلع واشتياق لمعرفة الخبر. والجملة الكريمة مستأنفة لتأكيد ما سبق الحديث عنه من وحدانية الله - تعالى - ولتسلية الرسول - صلى الله عليه وسلم - عما اصابه من قومه. ببيان جانب من جهاد أخيه موسى - عليه السلام -. والمعنى لقد أتاك - أيها الرسول الكريم - خبر أخيك موسى، وقت أن رآى نارا وهو عائد ليلا من مدين إلى مصر { فَقَالَ لأَهْلِهِ } أى لامرأته ومن معها { ٱمْكُثُوۤاْ } أى أقيموا فى مكانكم ولا تبرحوه حتى أعود إليكم. وجملة { إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً } تعليل الأمر بالمكوث، وآنست من الإيناس بمعنى الإبصار الواضح الجلى. أى إنى أبصرت إبصارا بينا لا شبهة فيه نارا على مقربة منى، فامكثوا فى أماكنكم { لَّعَلِّيۤ آتِيكُمْ مِّنْهَا بِقَبَسٍ }. والقبس الشعلة التى تؤخذ من النار فى طرف عود أو نحوه. ووزنه فعل - بفتح العين - بمعنى مفعول أى لعلى آتيكم من هذه النار بشعلة مقتبسة منها، ومأخوذة عنها. وقوله { أَوْ أَجِدُ عَلَى ٱلنَّارِ هُدًى } معطوف على ما قبله. أى امكثوا فى مكانكم حتى أذهب إلى النار التى شاهدتها، لعلى آتيكم منها بشعلة، أو أجد عندها هاديا يهدينى إلى الطريق الذى أسلكه لكى أصل إلى المكان الذى أريده. فقوله { هُدًى } مصدر بمعنى اسم الفاعل أى هاديا. وقد دلت آية أخرى على أن موسى قد ذهب إلى النار ليأتى منها بما يدفىء أهله من البرد. وهذه الآية هى قوله - تعالى -فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ نَاراً قَالَ لأَهْلِهِ ٱمْكُثُوۤاْ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّيۤ آتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ ٱلنَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ }

السابقالتالي
2 3 4