الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقَالُواْ لَوْلاَ يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ } * { وَلَوْ أَنَّآ أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُواْ رَبَّنَا لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَىٰ } * { قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُواْ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ ٱلصِّرَاطِ ٱلسَّوِيِّ وَمَنِ ٱهْتَدَىٰ }

ومرادهم بالآية فى قوله - سبحانه - { وَقَالُواْ لَوْلاَ يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ } معجزة حية من المعجزات التى اقترحوها عليه - صلى الله عليه وسلم - كتفجير الأنهار حول مكة، وكرقيه إلى السماء، وكنزول الملائكة معه.. أى وقال الكافرون على سبيل التعنت والعناد للرسول - صلى الله عليه وسلم - هلا أتيت لنا يا محمد بآية من الآيات التى طلبناها منك، أو بآية من الآيات التى أتى بها الأنبياء من قبلك، كالعصا بالنسبة لموسى، والناقة بالنسبة لصالح. فهم - كما يقول الآلوسى - " بلغوا من المكابرة والعناد إلى حيث لم يعدوا ما شاهدوا من المعجزات التى تخر لها صم الجبال، من قبيل الآيات، حتى اجترأوا على التفوه بهذه العظيمة الشنعاء. وقوله - سبحانه - { أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ } رد على جهالاتهم وجحودهم. والمراد بالبينة القرآن الكريم الذى هو أم الآيات، ورأس المعجزات. والمراد بالصحف الأولى الكتب السماوية السابقة كالتوراة والإِنجيل والزبور. والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام، والاستفهام لتقرير الإِتيان وثوبته. والمعنى أجهلوا ولم يكفهم اشتمال القرآن الذى جئت به - أيها الرسول الكريم - على يان ما فى الصحف الأولى التى أنزلناها على الرسل السابقين، ولم يكفهم ذلك فى كونه معجزة حتى طلبوا غيرها؟. قال صاحب الكشاف اقترحوا على عادتهم فى التعنت آية على النبوة، فقيل لهم أو لم تأتكم أية من أم الآيات وأعظمها فى باب الإِعجاز، يعنى القرآن، من جهة أن القرآن برهان ما فى سائر الكتب المنزلة، ودليل صحته لأن معجزة، وتلك ليست بمعجزات، فهى مفتقرة إلى شهادته على صحة ما فيها، افتقار المحتج عليه إلى شهادة الحجة. وقال ابن كثير قوله { أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ } يعنى القرآن العظيم، الذى أنزله الله - تعالى - عليه - صلى الله عليه وسلم - وقد جاء فيه أخبار الأولين بما كان منهم فى سالف الدهور، بما يوافقه عليه الكتب المتقدمة الصحيحة منها، فإن القرآن مهيمن عليها.. وهذه الآية كقوله - تعالى -وَقَالُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا ٱلآيَاتُ عِندَ ٱللَّهِ وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَىٰ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } وفى الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال " ما من نبى إلا وقد أُوتي من الآيات ما آمن على مثله البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إليَّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة ". ومنهم من يرى أن المراد بالبينة الكتب السماوية السابقة.

السابقالتالي
2