الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } * { مَن كَانَ عَدُوّاً للَّهِ وَمَلاۤئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَٰلَ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ }

فهاتان الآيتان تكشفان عن رذيلة غريبة حقاً من رذائل اليهود وهى عداوتهم لملك من ملائكة الله، لا يأكل مما يأكلون، ولا يشرب مما يشربون وإنما هو من الملائكة المقربين، الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وإذا فليس هناك مقتض لعداوته، فلماذا هذا التصريح منهم ببغضه وكراهيته؟ لقد سمعوا أن جبريل - عليه السلام - ينزل بالوحى من عند الله على محمد صلى الله عليه وسلم وهم يحسدونه على النبوة، فلج بهم الحقد والغيظ إلى أن أعلنوا عن عدائهم لجبريل - أيضاً - وهذه حماقة وجهالة منهم، لأن جبريل - عليه السلام - نزل بالخير لهم فى دينهم وفى دنياهم. ولكن الحقد والحسد إذا استوليا على النفوس جعلاها لا تفرق بين الخير والشر. ومعنى الآيتين الكريمتين، قل - يا محمد - لهؤلاء اليهود الذين أعلنوا عداءهم لجبريل أنه لا وجه لعداوته لأنه لم ينزل بالقرآن من تلقاء نفسه وإنما نزل على قلبك بأمر الله ليكون مؤيداً لما نزل قبله من الكتب السماوية وليكون هداية إلى طريق السعادة وبشارة للمؤمنين بالجنة، وقل لهم كذلك من كان معادياً لله أو لملك من ملائكته أو لرسول من رسله، فقد كفر وباء بغضب من الله، ومن غضب الله عليه، فجزاؤه الخزى وسوء المصير. قال الإِمام ابن جرير أجمع أهل العلم بالتأويل جميعاً، على أن هذه نزلت جواباً ليهود من بنى إسرائيل، إذ زعموا أن جبريل عدو لهم، وميكائيل ولى لهم. وروى البخارى فى صحيحه - عن أنس بن مالك - رضى الله عنه - قال " سمع عبد الله بن سلام بقدوم النبى صلى الله عليه وسلم وهو فى أرض يخترف - أى يجنى ثمارها - فأتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال له إنى سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبى، فيم أول أشراط الساعة؟ وما أول طعام أهل الجنة، وما ينزع الولد إلى أبيه أو إلى أمه؟ قال أخبرنى بهن جبريل آنفاً. قال جبريل؟ قال نعم قال ذلك عدو اليهود من الملائكة - فقرأ النبى صلى الله عليه وسلم هذه الآية { قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ... } الآية ثم قال أما أول أشراط الساعة، فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب! وأما أول طعام أهل الجنة فزيادة كبد الحوت، وإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد، وإذا سبق ماء المرأة نزعت فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله. يا رسول الله إن اليهود قوم بهت، وإنهم إن يعلموا بإسلامى قبل أن تسألهم يبهتونى، فجاءت اليهود فقال النبى صلى الله عليه وسلم أى رجل فيكم عبد الله؟ قالوا خيرنا وابن حبرنا، وسيدنا وابن سيدنا قال " أرأيتم إن أسلم عبد الله بن سلام؟ فقالوا أعاذه الله من ذلك؟ فخرج عبد الله فقال " أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله " ، فقالوا شرنا وابن شرنا، وانتقصوه، قال فهذا الذى كنت أخاف يا رسول الله ".

السابقالتالي
2 3 4