{ وَلِيُّ } الناصر والمعين الحليف. مأخوذ من الولاية بمعنى النصرة. والمعنى الله الذى بيده ملكوت كل شىء { وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } أى معينهم وناصرهم ومتولى أمورهم، فهو - سبحانه - الذى يخرجهم من ظلمات الكفر، ومن ضلالات الشرك والفسوق والعصيان إلى نور الحق والهداية والتحرر من الأوهام. أما الذين كفروا فأولياؤهم ونصراؤهم الطاغوت الذى يتمثل فى الشياطين والأصنام والأوهام المورثة والكبرياء والمضلين، وهؤلاء يخرجونهم بسبب انطماس بصيرتهم وانتكاسهم فى المعاصى من نور الإِيمان والهداية إلى ظلمات الكفر والضلالة. أولئك الموصوفون بتلك الصفات القبيحة أصحاب النار هم فيها خالدون خلودا مؤبداً. وأفرد - سبحانه - النور وجمع الظلمات، لأن الحق واحد أما الظلمات فقد تعددت فنونها وألوانها وأسبابها. وفى تقديم { وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ } فى قوله { وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَوْلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّاغُوتُ } إشارة إلى أنهم هم الذين ارتضوا سأن يكون الطغيان مسيطراً على قلوبهم لأن كفرهم بالله - تعالى - هو الذى جعل الشيطان ينفذ إلى أقطار نفوسهم بسهولة ويسر. وقوله { وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ } مبتدأ { أَوْلِيَآؤُهُمُ } مبتدأ ثان، و { ٱلطَّاغُوتُ } خبره والجملة خبر المبتدأ الأول. ولم يقل - سبحانه - والطاغوت ولى الذين كفروا للاحتراز عن وضع اسم الطاغوت فى مقابل لفظ الجلالة. فإن قيل وهل كان الكافرون فى نور ثم أخرجوا منه؟ فالجواب أن المراد يخرجونهم من النور الفطرى الذى جعل عليه الناس كافة أو من نور الحجج الواضحات التى من شأنها أن تحمل كل عاقل على الدخول فى الإِسلام. وقيل المراد بهؤلاء المخرجين من النور إلى الظلمات أولئك الذين آمنوا بالنبى صلى الله عليه وسلم قبل بعثته ثم كفروا به بعدها والإِشارة فى قوله { أُوْلَـٰئِكَ } تعود إلى الذين كفروا. وفى التعبير " بأصحاب النار " إشعار بأنهم ملازمون لها كما يلازم المالك ما يملكه والرفيق رفيقه. وقوله { هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } تأكيد لبقائهم فيها واختصاصهم بها. وبذلك تكون الآية الكريمة قد ساقت أحسن البشارات للمؤمنين، وأشد العقوبات للكافرين الذين استحبوا العمى على الهدى. ثم ساق القرآن بعد ذلك بعض الأمثلة للمؤمنين المهتدين وللضالين المغرورين فقال - تعالى - { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِي حَآجَّ... }.