الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَّتَاعاً إِلَى ٱلْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِيۤ أَنْفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } * { وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِٱلْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى ٱلْمُتَّقِينَ } * { كَذَلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }

الآية الأولى من هذه الآيات تبين بعض الحقوق التى شرعها الله - تعالى - للمرأة التى توفى عنها زوجها. والمعنى لقد شرع الله لكم فيما شرع من أحكام، أن على المسلم قبل أن يحضره الموت أن يوصى لزوجته التى على قيد الحياة بما تنتفع به انتفاعاً مستمراً لمدة حول من وفاته، ولا يصح أن يخرجها أحد من مسكن الزوجية. وقوله { وَصِيَّةً } فيه قراءتان مشهورتان. القراءة الأولى بالنصب، والتقدير والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً فليوصوا وصية، أو كتب الله عليهم وصية لأزواجهم. والقراءة الثانية بالرفع والتقدير فعليهم وصية لأزواجهم. وعلى قراءة النصب تكون كلمة { وَصِيَّةً } مفعولاً مطلقاً أو مفعولا به، وعلى قراء الرفع تكون مبتدأ محذوف الخبر. وقوله { لأَزْوَاجِهِمْ } جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لكلمة { وَصِيَّةً } على القراءتين. أى وصية كائنة لأزواجهم. والمراد بقوله { مَّتَاعاً } ما تتمتع به الزوجة من السكن والنفقة بعد وفاة زوجها بوصية منه. وهو منصوب على المصدر أى متعوهن متاعاً أوم على المفعولية. أى جعل الله لهن ذلك متاعاً. وقال - سبحانه - { مَّتَاعاً إِلَى ٱلْحَوْلِ } للتنصيص على أن هذه المدة تمتد حولا كاملا منذ وفاة زوجها، إذ كلمة حول تدل على التحول أى حتى تعود الأيام التى حدثت فيها الوفاة. وقوله " غير إخراج " حال من أزواجهم أى غير مخرجات من مسكن الزوجية، فلا يصح لورثة الميت أن يخرجوهن من مسكن الزوجية بغير رضاهن، لأن بقاءهن فى مسكن الزوجية حق شرعه الله لهن، فلا يجوز لأحد أن يسلبه منهن بغير رضاهن. ثم قال - تعالى - { فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِيۤ أَنْفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ }. أى { فَإِنْ خَرَجْنَ } من منزل الزوجية برضاهن ورغبتهن { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ } أى فلا إثم عليكم أيها المسلمون { فِي مَا فَعَلْنَ فِيۤ أَنْفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ } أى فيما فعلن فى أنفسهن من أمور لا ينكرها الشرع كالتزين والتطيب والتزوج بعد انتهاء عدتها وهى أربعة أشهر وعشرة أيام. هذا، وللعلماء فى تفسير هذه الآية اتجاهان مشهوران أما الاتجاه الأول فيرى أصحابه أن هذه الآية منسوخة لأنها توجب على الزوج حين مشارفة الموت أن يوصى لزوجته بالنفقة والسكنى حولا، ويجب عليها الاعتداد حولا، وهى مخيرة بين السكنى فى بيته حولا ولها النفقة، وبين أن تخرج منه ولا نفقة لها، ولم يكن لها ميراث من زوجها قالوا وكان هذا الحكم فى ابتداء الإِسلام. وقد نسخ وجوب الوصية بالنفقة والسكنى بآية المواريث وبحديث " ألا لا وصية لوارث " حيث جعل لها الربع أو الثمن عوضاً عن النفقة والسكنى ونسخ وجوب العدة حولا بقوله - تعالى - قبل ذلك

السابقالتالي
2 3 4