الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَٰوةَ وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنْفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }

فقد أمرهم - سبحانه - فى هذه الآية بالمواظبة على عمودى الإِسلام وهما العبادة البدنية التى تؤكد حسن صلة العبد بخالقه وهى الصلاة والعبادة المالية التى تؤلف بين قلوب الموسرين والمعسرين وهى الزكاة. وجاءت جملة { وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنْفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِ } بعد ذلك، لترغبهم فى فعل الخير على وجه عام، ولتحثهم على التزود من الأعمال الصالحة سواء أكانت فرضاً أم نفلا. وقال { لأَنْفُسِكُم } للإِشعار بأن ما يقدمه المؤمن من خير إنما يعود نفعه إليه، وأنه سيجد عند الله نظير ذلك الثواب الجزيل، والأجر العظيم، وفى قوله، عند الله، إشارة إلى ضخامة الثواب، لأنه صادر من الغنى الحميد. وجاءت جملة { إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } لتأكيد ذلك الوعد، فقد دلت على أن الله - تعالى - لا يخفى عليه عمل عامل قليلا كان أو كثيراً. وإذا كان عالماً محيطاً بكل عمل يصدر من الإِنسان، كانت الأعمال محفوظة عنده - تعالى -، فلا يضيع منها عمل دون أن يلقى العامل جزاءه يوم الدين. وفى إعادة ذكر اسم الجلالة فى هذه الجملة مع تقدم ذكره فى قوله { تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِ } إشعار باستقلال هذه الجملة، وبشدة الاهتمام بالمعنى الذى تضمنته. كذلك من فوائد إظهار اسم الجلالة فى مقام يجوز فيه الإِضمار، أن تكون الجملة كحكمة تقال عند كل مناسبة، بخلاف ما لو أتى بدل الاسم الظاهر بالضمير فإن إلقاءه عند المناسبة يستدعى أن تذكر الجملة السابقة معها حتى يعرف المراد من الضمير. ثم حكى القرآن لوناً من ألوان المزاعم الباطلة التى درج عليها أهل الكتاب، ورد عليها بما يبطلها فقال { وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ... }.