الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذٰلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً } * { رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَٱعْبُدْهُ وَٱصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً }

قال ابن كثير " قال ابن أبى حاتم حدثنا يزيد بن محمد... عن أبى الدرداء يرفعه قال " ما أحل الله فى كتابه فهو حلال، وما حرمه هو حرام، وما سكت عنه فهو عافية، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئاً " ثم تلا هذه الآية { وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً }. ثم قال - تعالى - { رَّبُّ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا } أى هو رب السماوات والأرض ورب ما بينهما، وهو خالقهما وخالق كل شىء، ومالكهما ومالك كل شىء. وما دام الأمر كذلك { فَٱعْبُدْهُ وَٱصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ } أى فأخلص له العبادة ووطن نفسك على أداء هذه العبادة بصبر وجلد وقوة احتمال، فإن المداومة على طاعة الله تحتاج إلى عزيمة صادقة، ومجاهدة للنفس الأمارة بالسوء. والاستفهام فى قوله { هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً } للإنكار والنفى. والسمى بمعنى المسامى والمضاهى والنظير والشبيه. أى هل تعلم له نظيرا أو شبيهاً يستحق معه المشاركة فى العبادة أو الطاعة؟ كلا، إنك لا تعلم ذلك، لأنه - سبحانه - هو وحده المستحق للعبادة والطاعة، إذ هو الخالق لكل شىء والعليم بكل شىء، والقادر على كل شىء، وما سواء إنما هو مخلوق له، وساجد له طوعاً أو كرهاً، ولا شبهة فى صفة من صفاته، فهو - سبحانه -لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ } ثم ساقت السورة الكريمة بعد ذلك موقف المشركين من عقيدة البعث. فحكت أقوالهم الباطلة، وردت عليهم بما يكبتهم وبينت أن يوم القيامة آت لا ريب فيه، وأن النجاة فى هذا اليوم للمتقين، والعذاب والخسران للكافرين قال - تعالى - { وَيَقُولُ ٱلإِنْسَانُ... }.

PreviousNext
1