الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِٱلْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ فَلاَ تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَآءً ظَاهِراً وَلاَ تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِّنْهُمْ أَحَداً }

أى سيختلف - الناس فى عدة أصحاب الكهف - أيها الرسول الكريم - فمن الناس من سيقول إن عدتهم ثلاثة رابعهم كلبهم، ومنهم من يقول إنهم خمسة سادسهم كلبهم. فالضمير فى قوله { سيقولون } وفى الفعلين بعده. يعود لأولئك الخائضين فى قصة أصحاب الكهف وفى عددهم، على عهد النبى صلى الله عليه وسلم. قال الجمل قيل إنما أتى بالسين فى هذا لأن فى الكلام طيا وإدماجا تقديره فإذا أجبتهم عن سؤالهم عن قصة أهل الكهف، فسلهم عن عددهم فإنهم سيقولون ثلاثة. ولم يأت بها فى بقية الأفعال، لأنها معطوفة على ما فيه السين فأعطيت حكمه من الاستقبال. وقال صاحب الكشاف، فإن قلت لماذا جاء بسين الاستقبال فى الأول دون الآخرين؟. قلت فيه وجهان أن تدخل الآخرين فى حكم السين، كما تقول قد أكرم وأنعم. تريد معنى التوقع فى الفعلين جميعا، وأن تريد بيفعل معنى الاستقبال الذى هو صالح له. وقوله، ثلاثة. خبر لمبتدأ محذوف، أى هم ثلاثة. وقوله - تعالى - { رجما بالغيب } رد على القائلين بأنهم ثلاثة رابعهم كلبهم، وعلى القائلين بأنهم خمسة سادسهم كلبهم. وأصل الرجم الرمى بالحجارة، والمراد به هنا القول بالظن والحدس والتخمين بدون دليل أو برهان. قال صاحب الكشاف قوله " { رجما بالغيب } ، أى رميا بالخبر الخفى وإتيانا به. كقولهوَيَقْذِفُونَ بِٱلْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } أى يأتون به. أو وضع الرجم، موضع الظن فكأنه قيل ظنا بالغيب. لأنهم أكثروا أن يقولوا رجم بالظن، مكان قولهم ظن. حتى لم يبق عندهم فرق بين العبارتين. ألا ترى إلى قول زهير وما هو عنها بالحديث المرجم.. أى المظنون ". وقوله { رجما } منصوب بفعل مقدر. والباء فى { بالغيب } للتعدية. أى يرمون رميا بالخبر الغائب عنهم، والذى لا اطلاع لهم على حقيقته، شأنهم فى ذلك شأن من يرمى بالحجارة التى لا تصيب المرمى المقصود. ثم حكى - سبحانه - القول الذى هو أقرب الأقوال إلى الصواب فقال { وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ }. أى وبعض الناس - وهم المؤمنون - يقولون إن عدد أصحاب الكهف سبعة أفراد وثامنهم كلبهم. قال ابن كثير - يقول - تعالى - مخبرا عن اختلاف الناس فى عدة أصحاب الكهف. فحكى ثلاثة أقوال، فدل على أنه لا قائل برابع. ولما ضعف القولين الأولين بقوله { رجما بالغيب }. أى قول بلا علم، كمن يرمى إلى مكان لا يعرفه، فإنه لا يكاد يصيب. وإذا أصاب فبلا قصد، ثم حكى الثالث وسكت عليه أو قرره بقوله { وثامنهم كلبهم } دل على صحته، وأنه هو الواقع فى نفس الأمر. وقال الآلوسى ما ملخصه والجملة الواقعة بعد العدد فى قوله - تعالى - { وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ } فى موضع الصفة له، والواو الداخلة على الجملة الواقعة صفة للنكرة، كما تدخل فى الواقعة حالا عن المعرفة فى قولك جاءنى رجل ومعه آخر، ومررت بزيد وفى يده سيف، ومنه قوله - تعالى -

السابقالتالي
2