الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ ٱلْكَهْفِ وَٱلرَّقِيمِ كَانُواْ مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً } * { إِذْ أَوَى ٱلْفِتْيَةُ إِلَى ٱلْكَهْفِ فَقَالُواْ رَبَّنَآ آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّىءْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً } * { فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي ٱلْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً } * { ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُواْ أَمَداً }

قال الإِمام الرازى " اعلم أن القوم تعجبوا من قصة أصحاب الكهف، وسألوا عنها الرسول صلى الله عليه وسلم على سبيل الامتحان، فقال - تعالى - { أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ ٱلْكَهْفِ وَٱلرَّقِيمِ كَانُواْ مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً }؟ لا تحسبن ذلك فإن آياتنا كلها عجب فإن من كان قادرا على خلق السماوات والأرض، وعلى تزيين الأرض بما عليها من نبات وحيوان ومعادن، ثم يجعلها بعد ذلك صعيدا جرزا خالية من الكل، كيف يستبعد من قدرته وحفظه ورحمته حفظ طائفة من الناس مدة ثلاثمائة سنة وأكثر فى النوم.. ". وعلى ذلك يكون المقصود بهذه الآيات الكريمة، بيان أن قصة أصحاب الكهف ليست شيئاً عجبا بالنسبة لقدرة الله - تعالى -. وقد ذكر المفسرون فى سبب نزول قصة أصحاب الكهف روايات ملخصها أن قريشا بعثت النضر بن الحارث، وعقبة بن أبى معيط، إلى أحبار اليهود بالمدينة، فقالوا لهم سلوهم عن محمد صلى الله عليه وسلم، وصفوا لهم صفته، وأخبروهم بقوله، فإنهم أهل الكتاب الأول. وعندهم من العلم ما ليس عندنا من علم الأنبياء. فخرجا حتى قدما المدينة، فسألا أحبار اليهود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفوا لهم أمره صلى الله عليه وسلم فقالوا لهما سلوه عن ثلاث نأمركم بهن. فإن أخبركم بهن، فهو نبى مرسل وإن لم يفعل فالرجل متقول. سلوه عن فتية ذهبوا فى الدهر الأول ماذا كان من خبرهم. فإنهم قد كان لهم حديث عجيب. وسلوه عن رجل طواف طاف المشارق والمغارب ماذا كان من خبره؟ وسلوه عن الروح، ما هو؟ فإن أخبركم بذلك فهو نبى فاتبعوه. فأقبل النضر وعقبة حتى قدما على قريش. فقالا يا معشر قريش، قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد، قد أمرنا أحبار يهود أن نسأله عن أمور. ثم جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا محمد أخبرنا، ثم سألوه عما قالته لهم يهود. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سأجيبكم غدا بما سألتم عنه ولم يستثن - أى. ولم يقل إن شاء الله - فانصرفوا عنه. ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة ليلة. لا يحدث الله إليه فى ذلك وحيا، ولا يأتيه جبريل - عليه السلام - حتى أرجف أهل مكة وقالوا وعدنا محمد غدا، واليوم خمسة عشر قد أصبحنا فيها، لا يخبرنا بشئ عما سألناه عنه. وحتى أَحْزَن رسول الله صلى الله عليه وسلم مُكْثُ الوحى عنه، وشق عليه ما تكلم به أهل مكة، ثم جاءه جبريل من عند الله بسورة أصحاب أصحاب الكهف، فيها معاتبته إياه على حزنه عليهم، وخبر ما سألوه عنه من أمر الفتية والرجل الطواف، وقول الله - تعالى -

السابقالتالي
2 3 4 5