الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ ٱلَّيلِ وَقُرْآنَ ٱلْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ ٱلْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً } * { وَمِنَ ٱلْلَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً } * { وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَٱجْعَل لِّي مِن لَّدُنْكَ سُلْطَاناً نَّصِيراً } * { وَقُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَزَهَقَ ٱلْبَاطِلُ إِنَّ ٱلْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً }

قال الإِمام الرازى ما ملخصه وفى نظم هذه الآيات مع ما قبلها وجوه، الأول أنه - تعالى - لما قرر الإِلهيات والمعاد والنبوات، أردفها بذكر الأمر بالطاعات. وأشرف الطاعات. بعد الإِيمان الصلاة فلهذا أمر بها. الثانى أنه - تعالى - لما قال { وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ ٱلأَرْضِ لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا } أمره - تعالى - بالإِقبال على عبادته لكى ينصره عليهم.. كما قال - تعالى -وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِّنَ ٱلسَّاجِدِينَ وَٱعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ ٱلْيَقِينُ... } وقوله - سبحانه - { أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ } أى داوم - أيها الرسول الكريم - على إقامة الصلاة، من وقت زوالها وميلها عن وسط السماء لجهة الغرب. يقال دلكت الشمس تدلك - بضم اللام - إذا مالت وانتقلت من وسط السماء إلى ما يليه. ومادة { دلك } تدل على التحول والانتقال. ولذلك سمى الدلاك بهذا الاسم. لأن يده لا تكاد تستقر على مكان معين من الجسم. وتفسير دلوك الشمس هذا بمعنى ميلها وزوالها عن كبد السماء، مروى عن جمع من الصحابة والتابعين منهم عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله، وأنس، وابن عباس، والحسن، ومجاهد. وقيل المراد بدلوك الشمس هنا غروبها. وقد روى ذلك عن على، وابن مسعود، وابن زيد. قال بعض العلماء والقول الأول عليه الجمهور، وقالوا الصلاة التى أمر بها ابتداء من هذا الوقت، هى صلاة الظهر، وقد أيدوا هذا القول بوجوه منها ما روى " عن جابر أنه قال طعم عندى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه. ثم خرجوا حين زالت الشمس، فقال صلى الله عليه وسلم هذا حين دلكت الشمس ". ومن الوجوه - أيضاً - النقل عن أهل اللغة، فقد قالوا إن الدلوك فى كلام العرب الزوال، ولذا قيل للشمس إذا زالت. دالكة. وقوله { إِلَىٰ غَسَقِ ٱلَّيلِ } أى إلى شدة ظلمته. قال القرطبى يقال غسق الليل غُسوقاً. وأصل الكلمة من السيلان. يقال غَسقت العين إذ سالت تغسق. وغسَق الجرح غسقانا، أى سال منه ماء أصفر... وغسق الليل اجتماع الليل وظلمته. وقال أبو عبيدة الغسق سواد الليل... ". والمراد من الصلاة التى تقام من بعد دلوك الشمس إلى غسق الليل صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء. وقوله - تعالى - { وقرآن الفجر } معطوف على مفعول { أقم } وهو الصلاة. والمراد بقرآن الفجر صلاة الفجر. وسميت قرآناً، لأن القراءة ركن من أركانها، من تسمية الشئ باسم جزئه، كتسمية الصلاة ركوعاً وسجوداً وقنوتاً. وقوله { إِنَّ قُرْآنَ ٱلْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً } تنويه بشأن صلاة الفجر، وإعلاء من شأنها. أى داوم - أيها الرسول الكريم - على أداء صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وداوم على صلاة الفجر - أيضاً - فإن صلاتها مشهودة من الملائكة ومن الصالحين من عباد الله - عز وجل -.

السابقالتالي
2 3 4 5 6