الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَسْئَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَآءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَونُ إِنِّي لأَظُنُّكَ يٰمُوسَىٰ مَسْحُوراً } * { قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَآ أَنزَلَ هَـٰؤُلاۤءِ إِلاَّ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ بَصَآئِرَ وَإِنِّي لأَظُنُّكَ يٰفِرْعَونُ مَثْبُوراً } * { فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ ٱلأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعاً } * { وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱسْكُنُواْ ٱلأَرْضَ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً }

والمراد بالآيات التسع فى قوله - تعالى - { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ... } العصا، واليد، والسنون، والبحر، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع والدم. قال ذلك ابن عباس ومجاهد وقتادة وغيرهم. وقد جاء الحديث عن هذه الآيات فى مواضع أخرى من القرآن الكريم، منها قوله - تعالى -فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَآءُ لِلنَّاظِرِينَ } وقوله - تعالى -وَلَقَدْ أَخَذْنَآ آلَ فِرْعَونَ بِٱلسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن ٱلثَّمَرَاتِ... } وقوله - سبحانه -فَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْبَحْرَ فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَٱلطَّوْدِ ٱلْعَظِيمِ } وقوله - عز وجل -فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلطُّوفَانَ وَٱلْجَرَادَ وَٱلْقُمَّلَ وَٱلضَّفَادِعَ وَٱلدَّمَ آيَاتٍ مّفَصَّلاَتٍ فَٱسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ } والمعنى لا تظن - أيها الرسول الكريم - أن إيمان هؤلاء المشركين من قومك، متوقف على إجابة ما طلبوه منك. وما اقترحوه عليك من أن تفجر لهم من الأرض ينبوعاً، أو تكون لك جنة من نخيل وعنب.. الخ. لا تظن ذلك فإن الخوارق مهما عظمت لا تنشئ الإِيمان فى القلوب الجاحدة الحاقدة، بدليل أننا قد أعطينا أخاك موسى تسع معجزات، واضحات الدلالة على صدقه فى نبوته، ولكن هذه المعجزات لم تزد المعاندين من قومه إلا كفراً على كفرهم ورجساً على رجسهم. فاصبر - أيها الرسول - على تعنت قومك وأذاهم، كما صبر أولو العزم من الرسل قبلك. وتحديد الآيات بالتسع، لا ينفى أن هناك معجزات أخرى أعطاها الله - تعالى - لموسى - عليه السلام - إذ من المعروف عند علماء الأصول، أن تحديد العدد بالذكر، لا يدل على نفى الزائد عنه. قال الإِمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية وهذا القول - المروى عن ابن عباس وغيره - ظاهر جلى حسن قوى.. فهذه الآيات التسع، التى ذكرها هؤلاء الأئمة، هى المرادة هنا... وقد أوتى موسى - عليه السلام - آيات أخرى كثيرة منها ضربه الحجر بالعصا، وخروج الماء منه.. وغير ذلك مما أوتوه بنوا إسرائيل بعد خروجهم من مصر، ولكن ذكر هنا هذه الآيات التسع التى شاهدها فرعون وقومه من أهل مصر وكانت حجة عليهم فخالفوها وعاندوها كفرا وجحودا. ثم قال وقال الإِمام أحمد حدثنا يزيد، حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة، قال سمعت عبد الله بن سلمة يحدث عن صفوان بن عسال المرادى قال " قال يهودى لصاحبه اذهب بنا إلى هذا النبى حتى نسأله عن هذه الآية { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ... } فسألاه فقال النبى صلى الله عليه وسلم " لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا ولا تزنوا، ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق، ولا تسخروا، ولا تأكلوا الربا، ولا تمشوا ببرئ إلى ذى سلطان ليقتله، ولا تقذفوا محصنة، ولا تفروا من الزحف ".. فقبَّلا يديه ورجليه ".

السابقالتالي
2 3 4