الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } * { وَٱلْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ ٱلسَّمُومِ } * { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلآئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } * { فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ } * { فَسَجَدَ ٱلْمَلاۤئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ } * { إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ أَن يَكُونَ مَعَ ٱلسَّاجِدِينَ } * { قَالَ يٰإِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ ٱلسَّاجِدِينَ } * { قَالَ لَمْ أَكُن لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } * { قَالَ فَٱخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ } * { وَإِنَّ عَلَيْكَ ٱللَّعْنَةَ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدِّينِ } * { قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } * { قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ } * { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ } * { قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } * { إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ } * { قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ } * { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ } * { وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ } * { لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ }

والمراد بالإِنسان فى قوله - سبحانه - { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ } آدم - عليه السلام - لأنه أصل النوع الإِنسانى، وأول فرد من أفراده. والصلصال الطين اليابس الذى يصلصل، أى يحدث صوتاً إذا حرك أو نقر عليه، كما يحدث الفخار قال - تعالى -خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَٱلْفَخَّارِ } وقيل الصلصال الطين المنتن، مأخوذ من قولهم صَلَّ اللحم وأصلَّ، إذا أنتن.. قال الإِمام ابن جرير " والذى هو أولى بتأويل الآية، أن يكون الصلصال فى هذا الموضع، الطين اليابس الذى لم تصبه النار، فإذا نقرته صل فسمعت له صلصلة - وذلك أن الله - تعالى - وصفه فى موضع آخر فقالخَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَٱلْفَخَّارِ } فشبهه - تعالى ذكره - بأنه كالفخار فى يُبسِه، ولو كان معناه فى ذلك المنتن لم يشبهه بالفخار، لأن الفخار ليس بمنتن فيشبه به فى النتن غيره ". والحمأ الطين إذا اشتد سواده وتغيرت رائحته. والمسنون المصور من سن الشئ إذا صوره. قال الآلوسى ما ملخصه قوله { من حمأ } أى من طين تغير واسود من مجاورة الماء، ويقال للواحدة حمأة - بسكون الميم -... وقوله { مسنون } أى مصوَّر من سُنَّة الوجه وهى صورته. وأنشد لذلك ابن عباس قول عمه حمزة يمدح النبى صلى الله عليه وسلم
أغرُّ كأن البدرَ سنَّةُ وجهه جلا الغيم عنه ضوؤه فتبددا   
وقيل مسنون " أى مصبوب، من سنَّ الماء بمعنى صبه. ويقال شَنَّ - بالشين أيضاً - أى مفرغ على هيئة الإِنسان... وقيل المسنون المنتن... ". والذى يتدبر القرآن الكريم يرى أن الله - تعالى - قد وضح فى آيات متعددة أطوار خلق آدم - عليه السلام -، فقد بين فى بعض الآيات أنه خلقه من تراب، كما فى قوله - تعالى -إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ... } وبين فى آيات أخرى أنه - سبحانه - خلقه من طين، كما فى قوله - تعالى -ٱلَّذِيۤ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ ٱلإِنْسَانِ مِن طِينٍ } وبين هنا أنه - سبحانه - خلقه { مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ }. قال الجمل " وهذا الطور آخر أطوار آدم الطينية، وأول ابتدائه أنه كان ترابا متفرق الأجزاء، ثم بُلَّ - أى التراب - فصار طينا، ثم ترك حتى أنتن وأسود فصار حمأ مسنونا. أى متغيرا، ثم يبس فصار صلصالاً، وعلى هذه الأحوال والأطوار تتخرج الآيات الواردة فى أطواره الطينية، كآية خلقه من تراب، وآية { بَشَراً مِّن طِينٍ } وهذه الآية التى نحن فيها ". والمقصود من هذه الآيات الكريمة، التنبيه على عجيب صنع الله - تعالى - وعظيم قدرته، حيث أخرج - سبحانه - الجملة الكريمة بلام القسم وقد، لزيادة التحقيق، وللإِرشاد إلى أهمية هذا الخلق، وأنه بهذه الصفة.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9