الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىۤ إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّيۤ أَنَاْ أَخُوكَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ ٱلسِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا ٱلْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ } * { قَالُواْ وَأَقْبَلُواْ عَلَيْهِمْ مَّاذَا تَفْقِدُونَ } * { قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ ٱلْمَلِكِ وَلِمَن جَآءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ } * { قَالُواْ تَٱللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ } * { قَالُواْ فَمَا جَزَآؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ } * { قَالُواْ جَزَآؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلظَّالِمِينَ } * { فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَآءِ أَخِيهِ ثُمَّ ٱسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَآءِ أَخِيهِ كَذٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ ٱلْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَآءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ } * { قَالُوۤاْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَّكَاناً وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ } * { قَالُواْ يٰأَيُّهَا ٱلْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلاَّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّـآ إِذاً لَّظَالِمُونَ } * { فَلَمَّا ٱسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيّاً قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوۤاْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَّوْثِقاً مِّنَ ٱللَّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ ٱلأَرْضَ حَتَّىٰ يَأْذَنَ لِيۤ أَبِيۤ أَوْ يَحْكُمَ ٱللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ ٱلْحَاكِمِينَ } * { ٱرْجِعُوۤاْ إِلَىٰ أَبِيكُمْ فَقُولُواْ يٰأَبَانَا إِنَّ ٱبْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَآ إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ } * { وَسْئَلِ ٱلْقَرْيَةَ ٱلَّتِي كُنَّا فِيهَا وَٱلْعِيْرَ ٱلَّتِيۤ أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ }

وقوله - سبحانه - { وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىۤ إِلَيْهِ أَخَاهُ... } شروع فى بيان ما دار بين يوسف - عليه السلام - وبين شقيقه " بنيامين " بعد أن حضر مع إخوته. وقوله { آوى } من الإِيواء بمعنى الضم. يقال آوى فلان فلاناً إذا ضمه إلى نفسه، ويقال تأوت الطير وتآوت، إذا تضامت وتجمعت. وقوله { فَلاَ تَبْتَئِسْ } افتعال من البؤس وهو الشدة والضر. يقال بَئِس - كسَمِع - فلان بؤساً وبئوساً، إذا اشتد حزنه وهمه. والمعنى وحين دخل إخوة يوسف عليه، ما كان منه إلا أن ضم إليه شقيقه وقال له مطمئناً ومواسياً إنى أنا أخوك الشقيق. فلا تحزن بسبب ما فعله إخوتنا معنا من الحسد والأذى، فإن الله - تعالى - قد عوض صبرنا خيراً، وأعطانا الكثير من خيره وإحسانه. قال الإِمام ابن كثير يخبر الله - تعالى - عن إخوة يوسف لما قدموا على يوسف ومعهم أخوه " بنيامين " وأدخلهم دار كرامته ومنزل ضيافته وأفاض عليهم الصلة والإِحسان، واختلى بأخيه فأطلعه على شأنه وما جرى له وقال { فَلاَ تَبْتَئِسْ } أى لا تأسف على ما صنعوا بى، وأمره بكتمان هذا عنهم، وأن لا يطلعهم على ما أطلعه عليه من أنه أخوه وتواطأ معه أنه سيحتال على أن يبقيه عنده معززا مكرماً معظماً. ثم بين - سبحانه - ما فعله يوسف - عليه السلام - مع إخوته، لكى يبقى أخاه معه فلا يسافر معهم عند رحيلهم فقال { فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ ٱلسِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ... } والجهاز كما سبق أن بينا ما يحتاج إليه المسافر من زاد ومتاع.. والسقاية إناء كان الملك يشرب فيه، وعادة ما يكون من معدن نفيس ولقد كان يوسف - عليه السلام - يكتال به فى ذلك الوقت نظراً لقلة الطعام وندرته. وهذه السقاية هى التى أطلق عليها القرآن بعد ذلك لفظ الصواع أى وحين أعطى يوسف إخوته ما هم فى حاجة إليه من زاد وطعام، أوعز إلى بعض فتيانه أن يدسوا الصواع فى متاع أخيه " بنيامين " دون أن يشعر بهم أحد.. وقوله { ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا ٱلْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ } بيان لما قاله بعض أعوان يوسف لإِخوته عندما تهيئوا للسفر، وأوشكوا على الرحيل. والمراد بالمؤذن هنا المنادى بصوت مرتفع ليعلم الناس ما يريد إعلامهم به. والمراد بالعير هنا أصحابها. والأصل فيها أنها اسم للإِبل التى تحمل الطعام وقيل العير تطلق فى الأصل على قافلة الحمير، ثم تجوز فيها فأطلقت على كل قافلة تحمل الزاد وألوان التجارة. أى ثم نادى مناد على إخوة يوسف - عليه السلام - وهم يتجهزون للسفر، أو وهم منطلقون إلى بلادهم بقوله يا أصحاب هذه القافلة توقفوا حتى يفصل فى شأنكم فأنتم متهمون بالسرقة.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8