الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَمَآ آمَنَ لِمُوسَىٰ إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَىٰ خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي ٱلأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ ٱلْمُسْرِفِينَ } * { وَقَالَ مُوسَىٰ يٰقَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِٱللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوۤاْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ } * { فَقَالُواْ عَلَىٰ ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ } * { وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَٱجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ }

قال الجمل " قوله - سبحانه - { فَمَآ آمَنَ لِمُوسَىٰ إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ... }. لما ذكر الله - تعالى - ما أتى به موسى - عليه السلام - من المعجزات العظيمة الباهرة، أخبر - سبحانه - أنه مع مشاهدة هذه المعجزات، ما آمن لموسى إلا ذرية من قومه. وإنما ذكر الله هذا تسلية لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - لأنه كان كثير الاهتمام بإيمان قومه، وكان يغتم بسبب إعراضهم عن الإِيمان به، واستمرارهم على الكفر والتكذيب، فبين الله له أن له أسوة بالأنبياء - عليهم الصلاة والسلام -. لأن ما جاء به موسى من المعجزات، كان أمرا عظيما. ومع ذلك فما آمن له إلا ذرية من قومه ". والآية الكريمة معطوفة على كلام محذوف يدل عليه السياق، والتقدير لقد أتى موسى - عليه السلام - بالمعجزات التى تشهد بصدقه، والتى على رأسها، أن ألقى عصاه فإذا هى تبتلع ما فعله السحرة، ومع كل تلك البراهين الدالة على صدقه، فما آمن به إلا ذرية من قومه. والمراد بالذرية هنا العدد القليل من الشباب، الذين آمنوا بموسى، بعد أن تخلف عن الإِيمان آباؤهم وأغنياؤهم. قال الآلوسى قوله { إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ } أى إلا أولاد بعض بنى إسرائيل حيث دعا - عليه السلام - الآباء فلم يجيبوه خوفا من فرعون، وأجابته طائفة من شبابهم فالمراد من الذرية الشبيان لا الأطفال. والضمير فى قوله { مِّن قَوْمِهِ } يعود لموسى - عليه السلام - وعليه يكون المعنى فما آمن لموسى - عليه السلام - فى دعوته إلى وحدانية الله، إلا عدد قليل من شباب قومه بنى إسرائيل، الذين كانوا يعيشون فى مصر، والذين كان فرعون يسومهم سوء العذاب، أما آباؤهم وأصحاب الجاه فيهم، فقد انحازوا إلى فرعون طمعا فى عطائه، وخوفا من بطشه بهم. ويرى بعض المفسرين أن الضمير فى قوله { مِّن قَوْمِهِ } يعود إلى فرعون لا إلى موسى. فيكون المعنى فما آمن لموسى إلا عدد قليل من شباب قوم فرعون. قال ابن كثير ما ملخصه مرجحا هذا الرأى " يخبر الله - تعالى - أنه لم يؤمن بموسى - عليه السلام - مع ما جاء به الآيات والحجج، إلا قليل من قوم فرعون، من الذرية - وهم الشباب -، على وجل وخوف منه ومن ملئه. قال العوفى عن ابن عباس " إن الذرية التى آمنت لموسى من قوم فرعون منهم امرأته، ومؤمن آل فرعون، وخازنه، وامرأة خازنه ". ثم قال " واختار ابن جرير قول مجاهد فى الذرية، أنها من بنى إسرائيل، لا من قوم فرعون.

السابقالتالي
2 3 4