الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَلاۤ إِنَّ أَوْلِيَآءَ ٱللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } * { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ } * { لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ فِي ٱلْحَياةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ ٱللَّهِ ذٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } * { وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ ٱلْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { أَلاۤ إِنَّ لِلَّهِ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰت وَمَنْ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُرَكَآءَ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ } * { هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } * { قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ ٱلْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰت وَمَا فِي ٱلأَرْضِ إِنْ عِندَكُمْ مِّن سُلْطَانٍ بِهَـٰذَآ أَتقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { قُلْ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ } * { مَتَاعٌ فِي ٱلدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ ٱلْعَذَابَ ٱلشَّدِيدَ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ }

والأولياء جمع ولى مأخوذ من الولى بمعنى القرب والدنو، يقال تباعد فلان من بعد ولى أى بعد قرب. والمراد بهم أولئك المؤمنون الصادقون الذى صلحت أعمالهم، وحسنت بالله - تعالى - صلتهم، فصاروا يقولون ويفعلون كل ما يحبه، ويجتنبون كل ما يكرهه. قال الفخر الرازى " ظهر فى علم الاشتقاق أن تركيب الواو واللام والياء يدل على معنى القرب، فولى كل شىء هو الذى يكون قريبا منه. والقرب من الله إنما يتم إذا كان القلب مستغرقاً فى نور معرفته، فإن رأى رأى دلائل قدرته، وإن سمع سمع آيات وحدانيته، وإن نطق نطق بالثناء عليه، وِإن تحرك تحرك فى خدمته، وإن اجتهد اجتهد فى طاعته، فهنالك يكون فى غاية القرب من الله - تعالى - ويكون وليا له - سبحانه -. وإذا كان كذلك كان الله - وليا له - أيضاً - كما قالٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ } وقد افتتحت الآية الكريمة بأداة الاستفتاح { ألا } وبحرف التوكيد { إن } لتنبيه الناس إلى وجوب الاقتداء بهم، حتى ينالوا ما ناله أولئك الأولياء الصالحون من سعادة دنيوية وأخروية. وقوله { لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } تمييز لهم عن غيرهم ممن لم يبلغوا درجتهم. والخوف حالة نفسية تجعل الإِنسان مضطرب المشاعر لتوقعه حصول ما يكرهه. والحزن اكتئاب نفسى يحدث للإِنسان من أجل وقوع ما يكرهه. أى أن الخوف يكون من أجل مكروه يتوقع حصوله، بينما الحزن يكون من أجل مكروه قد وقع فعلاً. والمعنى ألا إن أولياء الله الذين صدق إيمانهم، وحسن عملهم، لا خوف علهيم من أهوال الموقف وعذاب الآخرة، ولا هم يحزنون على ما تركوا وراءهم من الدنيا، لأن مقصدهم الأسمى رضا الله - سبحانه -، فمتى فعلوا ما يؤدى إلى ذلك هان كل ما سواه. وقوله { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ } استئناف مسوق لتوضيح حقيقتهم فكأن سائلا قال ومن هم أولياء الله؟ فكان الجواب هم الذين توفر فيهم الإِيمان الصادق، والبعد التام عن كل ما نهى الله - تعالى - عنه. وعبر عن إيمانهم بالفعل الماضى، للإِشارة إلى أنه إيمان ثابت راسخ. لا تزلزله الشكوك، ولا تؤثر فيه الشبهات. وعبر عن تقواهم بالفعل الدال على الحال والاستقبال للإِيذان بأن اتقاءهم وابتعادهم عن كل ما يغضب الله من الأقوال والأفعال، يتجدد ويستمر دون أن يصرفهم عن تقواهم وخوفهم منه - سبحانه - ترغيب أو ترهيب. وقوله - سبحانه - { لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ فِي ٱلْحَياةِ ٱلدُّنْيَا وفِي ٱلآخِرَةِ } زيادة تكريم وتشريف لهم. والبشرى والبشارة الخبر السار، فهو أخص من الخبر، وسمى بذلك لأن أثره يظهر على البشرة وهى ظاهر جلد الإِنسان، فيجعله متهلل الوجه، منبسط الأسارير، مبتهج النفس.

السابقالتالي
2 3 4 5 6