الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ الۤر تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْحَكِيمِ } * { أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ ٱلنَّاسَ وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ قَالَ ٱلْكَافِرُونَ إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ }

سورة يونس من السور التى افتتحت ببعض حروف التهجى. وقد وردت هذه الفواتح تارة مفردة بحرف واحد، وتارة مركبة من حرفين، أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة. فالسور التى افتتحت بحرف واحد ثلاثة، وهى سورة ص، ق، ن. والسور التى افتتحت بحرفين تسعة، وهي طه، طس، يس، وحم فى ست سور، هي غافر، فصلت، الزخرف، الدخان، الجاثية، الأحقاف. والسور التى بدئت بثلاثة أحرف، ثلاث عشرة سورة، وهى ألم فى ست سور هى البقرة، آل عمران، العنكبوت، الروم، لقمان، السجدة، والر فى خمس سور هى يونس، هود، يوسف، إبراهيم، الحجر، وطسم فى سورتين هما الشعراء، القصص. وهناك سورتان بدئتا بأربعة أحرف وهما الأعراف، الرعد، وسورتان بدئتا بخمسة أحرف وهما مريم، والشورى. فيكون مجموع السور التى افتتحت بالحروف المقطعة تسعا وعشرين سورة. هذا، وقد وقع خلاف بين العلماء فى المعنى المقصود بتلك الحروف المقطعة التى افتتحت بها بعض السور القرآنية، ويمكن إجمال خلافهم فى رأيين رئيسين الرأى الأول يرى أصحابه أن المعنى المقصود منها غير معروف، فهى من المتشابه الذى استأثر الله بعلمه. وإلى هذا الرأى ذهب ابن عباس - فى إحدى الروايات عنه - كما ذهب إليه الشعبى، وسفيان الثورى، وغيرهم من العلماء. فقد أخرج ابن المنذر وغيره عن الشعبى أنه سئل عن فواتح السور فقال إن لكل كتاب سرا، وإن سر هذا القرآن فى فواتح السور. ويروى عن ابن عباس أنه قال عجزت العلماء عن إدراكها. وعن على - رضى الله عنه - قال " إن لكل كتاب صفوة، وصفوة هذا الكتاب حروف التهجى " وفى رواية أخرى عن الشعبى أنه قال " سر الله فلا تطلبوه ". ومن الاعتراضات التى وجهت إلى هذا الرأى، أنه إذا كان الخطاب بهذه الفواتح غير مفهوم للناس، لأنه من المتشابه، فإنه يترتب على ذلك أنه كالخطاب بالمهمل، أو مثل ذلك كمثل المتكلم بلغة أعجمية مع أناس عرب لا يفهمونها. وقد أجيب عن ذلك، بأن هذه الألفاظ لم ينتف الإِفهام عنها عند كل الناس، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يفهم المراد منها، وكذلك بعض أصحابه المقربين، ولكن الذى ننفيه أن يكون الناس جميعا فاهمين لمعنى هذه الحروف المقطعة فى أوئل السور. أما الرأى الثانى فيرى أصحابه أن المعنى المقصود منها معلوم، وأنها ليست من المتشابه الذى استأثر الله بعلمه. وأصحاب هذا الرأى قد اختلفوا فيما بينهم فى تعيين هذا المعنى المقصود على أقوال كثيرة من أهمها ما يأتى 1 - أن هذه الحروف أسماء للسور، بدليل قول النبى - صلى الله عليه وسلم - " من قرأ حم السجدة حفظ إلى أن يصبح ".

السابقالتالي
2 3 4 5 6