الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلأَحْبَارِ وَٱلرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ ٱلنَّاسِ بِٱلْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ يَكْنِزُونَ ٱلذَّهَبَ وَٱلْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }

قوله تعالى { وَٱلَّذِينَ يَكْنِزُونَ ٱلذَّهَبَ وَٱلْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } الآية. أظهر الأقوال وأقربها للصواب في معنى { يَكْنِزُونَ } في هذه الآية الكريمة، أن المراد بكنزهم الذهب والفضة وعدم إنفاقهم لها في سبيل الله، أنهم لا يؤدون زكاتهما. قال ابن كثير في تفسير هذه الآية وأمَّا الكنز؟ فقال مالك عن عبد الله بن دينار. عن ابن عمر. هو المال الذي لا تؤدى زكاته. وروى الثوري، وغيره، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، قال ما أدى زكاته فليس بكنز وإن كان تحت سبع أرضين، وما كان ظاهراً لا تؤدى زكاته فهو كنز، وقد روي هذا عن ابن عباس، وجابر، وأبي هريرة، موقوفاً ومرفوعاً. وقال عمر بن الخطاب نحوه أيما مال أديت زكاته فليس بكنز وإن كان مدفوناً في الأرض، وأيما مال لم تؤد زكاته فهو كنز يكوى به صاحبه، وإن كان على وجه الأرض اهـ. وممن روى عنه هذا القول عكرمة، و السدي، ولا شك أن هذا القول أصوب الأقوال، لأن من أدى الحق الواجب في المال الذي هو الزكاة لا يكوى بالباقي إذا أمسكه، لأن الزكاة تطهره كما قال تعالىخُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا } التوبة 103 ولأن المواريث ما جعلت إلا في أموال تبقى بعد مالكيها. ومن أصرح الأدلة في ذلك، حديث طلحة بن عبيد الله وغيره في قصة الأعرابي أخي بني سعد، من هوازن، وهو ضمام بن ثعلبة لما أخبره النَّبي صلى الله عليه وسلم بأن الله فرض عليه الزكاة، وقال هل على غيرها، فإن النَّبي قال له لا، إلا أن تطوع وقوله تعالىوَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ ٱلْعَفْوَ } البقرة 219 وقد قدمنا في " البقرة " تحقيق أنه ما زاد على الحاجة التي لا بد منها، وقوله " ليس فيما دون خمسة أوسق " الحديث، لأن صدقة نكرة في سياق النفي فهي تعم نفي كل صدقة. وفي الآية أقوال أخر منها أنها منسوخة بآيات الزكاة كقولهخُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم } التوبة 103 الآية. وذكر البخاري هذا القول بالنسخ عن ابن عمر أيضاً. وبه قال عمر بن عبد العزيز وعراك بن مالك. اهـ. وعن علي أنه قال أربعة آلاف فما دونها نفقة وما كان أكثر من ذلك فهو كنز، ومذهب أبي ذر رضي الله عنه في هذه الآية معروف، وهو أنه يحرم على الإنسان أن يدخر شيئاً فاضلاً عن نفقة عياله. اهـ ولا يخفى أن ادخار ما أديت حقوقه الواجبة لا بأس به، وهو كالضروري عند عامة المسلمين. فإن قيل ما الجواب عما رواه الإمام أحمد، عن علي رضي الله عنه، قال

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد