الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْفَجْرِ } * { وَلَيالٍ عَشْرٍ } * { وَٱلشَّفْعِ وَٱلْوَتْرِ } * { وَٱلَّيلِ إِذَا يَسْرِ } * { هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ }

اختلف في المراد بالفجر، فقيل: انفجار النهار من ظلمة الليل.

وقيل: صلاة الفجر.

وكلا القولين له شاهد من القرآن. أما انفجار النهار، فكما في قوله تعالى:وَٱلصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ } [التكوير].

وأما صلاة الفجر فكما في قوله:وَقُرْآنَ ٱلْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ ٱلْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً } [الإسراء: 78]، ولكن في السياق ما يقرب القول الأول، إذ هو في الأيام والليالي الفجر وليال عشر، الليل إذا يسري، وكلها آيات زمنية أنسب لها انفجار النهار.

بقي في ذلك اختلافهم في أي الفجر عنى هنا، فقيل بالعموم في كل يوم، وقيل: بالخصوص. والأول قول ابن عباس وابن الزبير وعلي رضي الله عنهم.

وعلى الثاني فقيل: خصوص الفجر يوم النحر. وقيل: أول يوم المحرم، وليس هناك يعول عليه. إلا أن فجر يوم النحر أقرب إلى الليالي العشر، إن قلنا: هي عشر ذي الحجة على ما يأتي إن شاء الله.

أما الليالي العشر فأقوال المفسرين محصورة في عشر ذي الحجة، وعشر المحرم والعشر الأواخر من رمضان. والأول جاء عن مسروق أنها العشر التي ذكرها الله في قصة موسى عليه السلام وأتممناها بعشر، وكلها الأقوال الثلاثة مروية عن ابن عباس. وليس في القرآن نص بعينها.

وفي السنة بيان فضيلة عشر ذي الحجة وعشر رمضان كما هو معلوم، فإن جعل الفجر خاصاً بيوم النحر، كان ذي الحجة أقرب للسياق. والله تعالى أعلم.

والشفع والوتر: ذكر المفسرون أكثر من عشرين قولاً ومجموعها يشمل جميع المخلوقات جملة وتفصيلاً.

أما جملة فقالوا: إنما الوتر هو الله، للحديث: " إن الله وتر يحب الوتر " ، وما سواه شفع، كما في قوله:وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ } [الذاريات: 49]، فهذا شمل كل الوجود الخالق والمخلوق، كما في عمومفَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ } [الحاقة: 38-39].

أما التفصيل فقالوا: المخلوقات إما شفع كالحيوانات أزواجاً، والسماء. والأرض، والجبل، والبحر، والنار، والماء. وهكذا ذكروا لكل شيء مقابله، ومن الأشياء الفرد كالهواء وكلها من باب الأمثلة.

والواقع أن أقرب الأقوال عندي والله أعلم: أنه هو الأول لأنه ثبت علمياً أنه لا يوجد كائن موجود بمعنى الوتر قط حتى الحصاة الصغيرة.

فإنه ثبت أن كل كائن جماد أو غيره مكون من ذرات والذرة لها نواه ومحيط، وبينهما ارتباط وعن طريقهما التفجير الذي اكتشف في هذا العصر، حتى في أدق عالم الصناعة كالكهرباء، فإنها من سالب وموجب، وهكذا لا بد من دورة كهربائية للحصول على النتيجة من أي جهاز كان، حتى الماء الذي كان يظن به البساطة فهو زوج وشفع من عنصرين، أكسجين وهدروجين، ينفصلان إذا وصلت درجة حرارة الماء إلى مائة إلى الغليان، ويتآلفان إذا نزلت الدرجة إلى حد معين فيتقاطران ماء، وهكذا.

السابقالتالي
2 3