الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } * { وَلاَ أُقْسِمُ بِٱلنَّفْسِ ٱللَّوَّامَةِ }

قال ابن جرير: اختلف القراء في قراءة قوله تعالى: { لآَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } ، فقرأت ذلك عامة قراء الأمصار، لا أقسم مفصولة من أقسم سوى الحسن والأعرج، فإنه ذكر عنهما أنهما كانا يقرآن ذلك: لأقسم بيوم القيامة. بمعنى أقسم بيوم القيامة.

ثم دخلت عليها لام القسم والقراءة التي لا أستجيز غيرها في هذا الموضع لا مفصولة، أقسم مبتدأة على ما عليه قراء الأمصار بإجماع الحجة من القراء عليه.

وقد اختلف الذين قرؤوا ذلك على وجه الذي اخترنا قراءته في تأويله، فقال بعضهم: لا صلة،إنما معنى الكلام: أقسم بيوم القيامة، وعزاه إلى سعيد بن جبير.

وقال آخرون: بل دخلت لا توكيداً للكلام.

وذكر عن أبي بكر بن عياش في قوله: لا أقسم. توكيد للقسم كقوله: لا والله.

وقال بعض نحويي الكوفة: لا، رد لكلام قد مضى من كلام المشركين الذين كانوا ينكرون الجنة والنار.

ثم ابتدئ القسم، فقيل: { أُقْسِمُ بِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } وكان يقول: كل يمين قبلها رد كلام، فلا بد من تقديم لا قبلها، ليفرق بذلك بين اليمين التي تكون جحداً واليمين التي تستأنف، ويقول: ألا ترى أنك تقول مبتدئاً: والله إن الرسول لحق، وإذا قلت: لا والله، إن الرسول لحق، فكأنك أكذبت قوماً أنكروه، واختلفوا أيضاً في ذلك هل هو قسم أم لا.

وذكر الخلاف في ذلك، والواقع أن هذه المسألة من المشكلات من حيث وجود اللام، وهل هي نافية للقسم أم مثبتة؟ وعلى أنها مثبتة فما موجبها؟ هل هي رد لكلام سابق أم تأكيد للقسم؟ وهل وقع إقسام أم لا؟ كما ذكر كل ذلك ابن جرير.

وقد تناولها الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في كتابه دفع إيهام الاضطراب في موضعين الاول في هذه السورة. واثاني في سورة البلد عند قوله تعالى:لآَ أُقْسِمُ بِهَذَا ٱلْبَلَدِ } [البلد: 1]، فبين في الموضع الأول أنها أي لا: نافية لكلام قبلها فلا تتعارض مع الإقسام بيوم القيامة فعلاً الواقع في قوله تعالى:وَٱلْيَوْمِ ٱلْمَوْعُودِ } [البروج: 2].

والثاني أنها صلة، وقال: سيأتي له زيادة إيضاح، والموضع الثاني:لآَ أٌقْسِمُ بِهَذَا ٱلْبَلَدِ } [البلد: 1] ساق فيه بحثاً طويلاً مهماً جداً نسوق خلاصته.

وسيطبع الكتاب إن شاء الله مع هذه التتمة فليرجع إليه. خلاصة ما ساقه رحمة الله تعالى علينا وعليه:

قال: الجواب عليها من أوجه. الأول، وعليه الجمهور أن لا هنا صلة على عادة العرب، فإنها ربما لفظت بلفظة لا من غير قصد معناها الأصلي، بل لمجرد تقوية الكلام وتوكيده كقوله:

ما منعك إذا رأيتهم ضلوا ألا تتبعني. يعني أن تتبعني.

وقوله: لئلا يعلم أهل الكتاب.

وقوله: فلا وربك لا يؤمنون.

وقول امرئ القيس:

السابقالتالي
2