الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَمَّا جَآءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِيۤ أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـٰكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسَىٰ صَعِقاً فَلَمَّآ أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُؤْمِنِينَ }

قوله تعالى { قَالَ رَبِّ أَرِنِيۤ أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي } الآية. استدل المعتزلة النافون لرؤية الله بالأبصار يوم القيامة بهذه الآية على مذهبهم الباطل، وقد جاءت آيات تدل على أن نفي الرؤية المذكور، إنما هو في الدنيا، وأما في الآخرة فإن المؤمنين يرونه جل وعلا بأبصارهم. كما صرح به تعالى في قولهوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } القيامة 22-23، وقوله في الكفاركَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ } المطففين 15 فإنه يفهم من مفهوم مخالفته أن المؤمنين ليسوا محجوبين عنه جل وعلا. وقد ثبت " عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في قوله تعالى { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ } يونس 26 " الحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجه الله الكريم " ، وذلك هو أحد القولين في قوله تعالىوَلَدَيْنَا مَزِيدٌ } ق 35، وقد تواترت الأحاديث عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة بأبصارهم، وتحقيق المقام في المسألة أن رؤية الله جل وعلا بالأبصار جائزة عقلاً في الدنيا والآخرة، ومن أعظم الأدلة على جوازها عقلا في دار الدنيا قول موسى { رَبِّ أَرِنِيۤ أَنظُرْ إِلَيْكَ } الأعراف 143 لأن موسى لا يخفى عليه الجائز والمستحيل في حق الله تعالى، وأما في الدنيا فممنوعة شرعاً كما تدل عليه آية " الأعراف " هذه، وحديث " إنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا " كما أوضحناه في كتابنا دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب.