الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِٱلْقَارِعَةِ } * { فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بِٱلطَّاغِيَةِ }

والطَّاغية فاعلة من الطُّغيان، وهو مجاوزة الحد مطلقاً، كقوله:إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلْمَآءُ } [الحاقة: 11].

وقوله:إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ } [العلق: 6].

وقد اختلف في معنى الطغيان هنا، فقال قوم: طاغية عاقر الناقة، كما في قوله تعالى:كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ إِذِ ٱنبَعَثَ أَشْقَاهَا } [الشمس: 11-12] فتكون الباء سببية أي بسبب طاغيتها، وقيل: الطاغية الصيحة الشديدة التي أهلكتهم، بدليل قوله تعالى:إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُواْ كَهَشِيمِ ٱلْمُحْتَظِرِ } [القمر: 31] الباء آلية، كقولك: كتبت بالقلم وقطعت بالسكين.

والذي يشهد له القرآن هو المعنى الثاني لقوله تعالى:وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حَتَّىٰ حِينٍ فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ } [الذاريات: 43-44]، ولو قيل: لا مانع من إرادة المعنيين لأنهما متلازمان تلازم المسبب للسبب، لأن الأول سبب الثاني لما كانوا بعيداً، ويشير إليه قوله تعالى:فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّاعِقَةُ } [الذاريات: 44].

فالعتو هو الطغيان في الفعل، والصاعقة هي الصيحة الشديدة، وقد ربط بينهما بالفاء.