الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَ جَنَّٰتٍ مَّعْرُوشَٰتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَٰتٍ وَٱلنَّخْلَ وَٱلزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُتَشَٰبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَٰبِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ }

قوله تعالى { وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ }. اختلف العلماء في المراد بهذا الحق المذكور هنا، وهل هو منسوخ أو لا؟ فقال جماعة من العلماء هذا الحق هو الزكاة المفروضة، وممن قال بهذا أنس بن مالك، وابن عباس وطاوس، والحسن وابن زيد وابن الحنفية، و الضحاك وسعيد بن المسيب، ومالك، نقله عنهم القرطبي، ونقله ابن كثير عن أنس وسعيد وغيرهما، ونقله ابن جرير عن ابن عباس وأنس والحسن وجابر بن زيد، وسعيد بن المسيب وقتادة وطاوس ومحمد ابن الحنفية، والضحاك وابن زيد. وقال قوم ليس المراد به الزكاة، وإنما المراد به أنه يعطي من حضر من المساكين يوم الحصاد القبضة والضغث ونحو ذلك، وحمله بعضهم على الوجوب، وحمله بعضهم على الندب قال القرطبي وقال علي بن الحسين، وعطاء والحكم، وحماد وسعيد بن جبير، ومجاهد هو حق في المال سوى الزكاة أمر الله به ندباً، وروي عن ابن عمر ومحمد ابن الحنفية أيضاً، ورواه أبو سعيد الخدري عنه صلى الله عليه وسلم، قال مجاهد إذا حصدت فحضرك المساكين فاطرح لهم من السنبل، وإذا جذذت فألق لهم من الشماريخ، وإذا درسته وذريته فاطرح لهم منه، وإذا عرفت كيله فأخرج منه زكاته. وقال قوم هو حق واجب غيرالزكاة، وهو غير محدد بقدر معين، وممن قال به عطاء كما نقله عنه ابن جرير. وقال قوم هي منسوخة بالزكاة، واختاره ابن جرير، وعزاه الشوكاني في تفسيره لجمهور العلماء، وأيده بأن هذه السورة مكية، وآية الزكاة نزلت بالمدينة في السنة الثانية بعد الهجرة. وقال ابن كثير في القول بالنسخ نظر، لأنه قد كان شيئاً واجباً في الأصل، ثم إنه فصل بيانه، وبين مقدار المخرج وكميته، قالوا وكان هذا في السنة الثانية من الهجرة. والله أعلم. انتهى من ابن كثير. ومراده أن شرع الزكاة بيان لهذا الحق لا نسخ له، وممن روى عنه القول بالنسخ ابن عباس ومحمد بن الحنفية، والحسن والنخعي وطاوس، وأبو الشعثاء وقتادة والضحاك وابن جريج، نقله عنهم الشوكاني والقرطبي أيضاً، ونقله عن السدي وعطية، ونقله ابن جرير أيضاً عن ابن عباس وابن الحنفية، وسعيد بن جبير وإبراهيم والحسن، والسدي وعطية، واستدل ابن جرير للنسخ بالإجماع على أن زكاة الحرث لا تؤخذ إلا بعد التذرية والتنقية، وزكاة التمر لا تؤخذ إلا بعد الجذاذ، فدل على عدم الأخذ يوم الحصاد فعلم أن الآية منسوخة، أو أنها على سبيل الندب، فالأمر واضح. وعلى أن المراد بها الزكاة، فقد اشير إلى أن هذا الحق المذكور هو جزء المال الواجب في النصاب في آيات الزكاة، وهو المذكور في قولهيٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنْفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّآ أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ ٱلأَرْضِ }

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد