الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ يَٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ }

قوله تعالى { يَامَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنْكُمْ } الآية. قال بعض العلماء المراد بالرسل من الجن نذرهم الذين يسمعون كلام الرسل، فيبلغونه إلى قومهم، ويشهد لهذا أن الله ذكر أنهم منذرون لقومهم في قولهوَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ ٱلْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوۤاْ أَنصِتُواْ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْاْ إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ } الأحقاف 29؟ وقال بعض العلماء { رُسُلٌ مِّنْكُمْ } أي من مجموعكم الصادق بخصوص الإنس لأنه لا رسل من الجن، ويستأنس لهذا القول بأن القرآن ربما أطلق فيه المجموع مراداً بعضه، كقولهوَجَعَلَ ٱلْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً } نوح 16، وقولهفَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا } الشمس 14، مع أن العاقر واحد منهم، كما بينه بقولهفَنَادَوْاْ صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ } القمر 29. واعلم أن ما ذكره الحافظ ابن كثير رحمه الله وغيره من أجلاء العلماء في تفسير هذه الآية من أن قولهيَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ } الرحمن 22 يراد به البحر الملح خاصة دون العذب غلط كبير، لا يجوز القول به. لأنه مخالف مخالفة صريحة لكلام الله تعالى، لأن الله ذكر البحرين الملح والعذب، بقولهوَمَا يَسْتَوِي ٱلْبَحْرَانِ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَآئِغٌ شَرَابُهُ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ } فاطر 12، ثم صرح باستخراج اللؤلؤ والمرجان منها جميعاً بقولهوَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا } فاطر 12 والحلية المذكورة هي اللؤلؤ والمرجان، فقصره على الملح مناقض للآية صريحاً، كما ترى.