الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ هَـٰذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ ٱلدِّينِ }

النزل بضمتين: هو رزق الضيف الذي يقدم له نزوله إكراماً له، ومنه قوله تعالى:إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ ٱلْفِرْدَوْسِ نُزُلاً } [الكهف: 107]، وربما استعملت العرب النزول في ضد ذلك على سبيل التهكم والاحتقار، وجاء القرآن باستعمال النزول فيما يقدم لأهل النار من العذاب كقوله هنا: في عذابهم المذكور في قولهم:لآكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ } [الواقعة: 52] - إلى قوله -شُرْبَ ٱلْهِيمِ هَـٰذَا نُزُلُهُمْ } [الواقعة:55-56] أي هذا العذاب المذكور هو ضيافتهم ورزقهم المقدم لهم عند نزولهم في دارهم التي هي النار، كقوله تعالى للكافر الحقير الذليل:ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ } [الدخان: 49].

وما تضمنته هذه الآية الكريمة من إطلاق النزول على عذاب أهل النار، جاء موضحاً في غير هذا الموضع كقوله في آخر هذه السورة الكريمة:فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ } [بالواقعة: 93-94]، وقوله تعالى في آخر الكهف:إِنَّآ أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً } [الكهف: 102] ونظير ذلك من كلام العرب قول أبي السعد الضبي:
وكنا إذا الجبار بالجيش ضافنا   جعلنا القنا والمرهفات له نزلاً
وقوله: { يَوْمَ الدِّينِ } أي يوم الجزاء كما تقدم مراراً.