الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ يُعْرَفُ ٱلْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِٱلنَّوَاصِي وَٱلأَقْدَامِ }

قوله: { بِسِيمَاهُمْ }: أي بعلامتهم المميزة لها، وقد دل القرآن على أنها هي سواد وجوههم وزرقة عيونهم، كما قال تعالىيَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ } [آل عمران: 106] الآية، وقال تعالى:وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ تَرَى ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى ٱللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ } [الزمر: 60]، وقال تعالى:وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِّنَ ٱلْلَّيْلِ مُظْلِماً أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [يونس: 27]، وقال تعالى:وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَفَرَةُ ٱلْفَجَرَةُ } [عبس: 40-42] لأن معنى قوله { تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ } أي يعلوها ويغشاها سواد كالدخان الأسود، وقال تعالى في زرقة عيونهم:وَنَحْشُرُ ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمِئِذٍ زُرْقاً } [طه: 102] ولا شيء أقبح وأشوه من سواد الوجوه وزرقة العيون، ولذا لما أراد الشاعر أن يقبح علل البخيل بأسوإ الأوصاف وأقبحها، فوصفها بسواد الوجوه وزرقة العيون حيث قال:
وللبخيل على أمواله علل   زرق العيون عليها أوجه سود
ولا سيما إذا اجتمع مع سواد الوجه اغبراره، كما في قوله: { وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ } فإن ذلك يزيده قبحاً على قبح.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة { فَيُؤْخَذُ بِٱلنَّوَاصِي وَٱلأَقْدَامِ } ، وقد قدمنا تفسيره والآيات الموضحة له في سورة الطور في الكلام على قوله تعالى:يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّاً } [الطور: 13].