الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ ٱلْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ ٱلْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيۤ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }

قوله تعالى { أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ ٱلْبَحْرِ } الآية. ظاهر عموم هذه الآية الكريمة يشمل إباحة صيد البحر للمحرم بحج أو عمرة، وهو كذلك، كما بينه تخصيصه تعالى تحريم الصيد على المحرم بصيد البر في قوله { وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ ٱلْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا } المائدة 96، فإنه يفهم منه أن صيد البحر لا يحرم على المحرم، كما هو ظاهر. مسائل تتعلق بالاصطياد في الإحرام أو في الحرم المسألة الأولى اجمع العلماء على منع صيد البر للمحرم بحج أو عمرة. وهذا الإجماع في مأكول اللحم الوحشي كالظبي والغزال ونحو ذلك، وتحرم عليه الإشارة إلى الصيد والدلالة عليه، لما ثبت في الصّحيحين من حديث أبي قتادة رضي الله عنه، " أنه كان مع قوم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو حَلالٌ وهم مُحْرِمُونَ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم محرم أمَامهُمْ، فَأَبْصَروا حمَاراً وَحشِياً وأبو قتادة مشغول يخْصِف نعله فلم يؤذنوه، وأحبوا لو أنه أبصره فأبصره فأسرج فرسه. ثم ركب ونسي سوطه ورمحه فقال لهم ناولوني السوط والرمح، فقالوا والله لا نعينك عليه، فغضب فنزل فأخذهما فركِبَ فَشدَّ على الحمار فَعقَرَهُ ثم جاء به، وقد مات فوقعوا فيه يأكلونه، ثم إنهم شكوا في أكلهم إيَّاه وهم حُرم، فأدركوا النَّبي صلى الله عليه وسلم، فسألوه فَقَرَّرهُم على اكله، وناوله أبو قتادة عضُدَ الحمار الوحشي، فأكل منها صلى الله عليه وسلم " ولمسلم " هل أشار إليه إنسان أو أمره بشيء، قالوا لا، قال فكلوه ". وللبخاري " هل منكم أحد أمره أن يحمل عليها، أو أشار إليها قالوا لا، قال فكلوا ما بقى من لحمها " وقد أجمع جميع العلماء على أن ما صاده محرم لا يجوز أكله للمحرم الذي صاده، ولا لمحرم غيره، ولا لحلال غير محرم لأنه ميتة. واختلف العلماء في أكل المحرم مما صاده حلال على ثلاثة أقوال، قيل لا يجوز له الأكل مطلقاً، وقيل يجوز مطلقاً، وقيل بالتفصيل بين ما صاده لأجله، وما صاده لا لأجله فيمنع الأول دون الثاني. واحتج أهل القول الأول بحديث الصعب بن جثامة رضي الله عنه " أنه أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حماراً وحشياً وهو بالأبواء أو بودان فرده عليه، فلما رأى ما في وجهه قال إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم " متفق عليه، ولأحمد ومسلم " لحم حمار وحشي ". واحتجوا أيضاً بحديث زيد بن أرقم رضي الله عنه " أن النَّبي صلى الله عليه وسلم أهدي له عضو من لحم صيد فرده، وقال إنا لا نأكله إنا حرم " أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد