الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }

قوله تعالى: { ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }.

قرأ هذا الحرف، عاصم وحمزة والكسائي { مهدا } بفتح الميم وسكون الهاء وقرأه باقي السبعة { مِهَاداً } بكسر الميم وفتح الهاء بعدها ألف ومعناهما واحد وهو الفراش.

وقد ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة، أنه جعل الأرض لبني آدم مهداً أي فراشاً وأنه جعل لهم فيها سبلاً أي طرقاً ليمشوا فيها ويسلكوها، فيصلوا بها من قطر إلى قطر. وهذان الأمران اللذان تضمنتهما هذه الآية الكريمة، من كونه تعالى جعل الأرض فراشاً لبني آدم وجعل لهم فيها الطرق، لينفذوا من قطر إلى قطر، جاء موضحاً في غير هذا الموضع، كقوله تعالى:وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ بِسَاطاً لِّتَسْلُكُواْ مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجاً } [نوح: 19-20]، وكقوله تعالى:وَجَعَلْنَا فِي ٱلأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سُبُلاً لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } [الأنبياء: 31].

وذكر كون الأرض فراشاً لبني آدم في آيات كثيرة كقوله تعالى:وَٱلأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ ٱلْمَاهِدُونَ } [الذاريات: 48] وقوله تعالى:ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ فِرَاشاً وَٱلسَّمَاءَ بِنَآءً وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ ٱلثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ } [البقرة: 22]. وقوله تعالى:ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَـلَ لَكُـمُ ٱلأَرْضَ قَـرَاراً وَٱلسَّمَآءَ بِنَـآءً } [غافر: 64] الآية.

وقد قدمنا الآيات الموضحة لهذا في سورة النحل في الكلام على قوله تعالى:وَأَلْقَىٰ فِي ٱلأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } [النحل: 15].