الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْمُحْصَنَٰتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَٰنُكُمْ كِتَٰبَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَٰلِكُمْ مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَٰفِحِينَ فَمَا ٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَٰضَيْتُمْ بِهِ مِن بَعْدِ ٱلْفَرِيضَةِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً }

قوله تعالى { وَٱلْمُحْصَنَاتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَانُكُمْ } الآية. اعلم أولاً أن لفظ المحصنات أطلق في القرآن ثلاثة إطلاقات الأول المحصنات العفائف. ومنه قوله تعالىمُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ } النساء 25 أي عفائف غير زانيات. الثاني المحصنات الحرائر. ومنه قوله تعالىفَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى ٱلْمُحْصَنَاتِ مِنَ ٱلْعَذَاب } النساء 25 أي على الإماء نصف ما على الحرائر من الجلد. الثالث أن يراد بالإحصان التزوج. ومنه على التحقيق قوله تعالىفَإِذَآ أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ } النساء 25 الآية - أي فإذا تزوجن. وقول من قال من العلماء إن المراد بالإحصان في قولهفَإِذَآ أُحْصِنَّ } النساء 25 الإسلام خلاف الظاهر من سياق الآية. لأن سياق الآية في الفتيات المؤمنات حيث قالوَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً } النساء 25 الآية. قال ابن كثير في تفسير هذه الآية ما نصه والأظهر والله أعلم أن المراد بالإحصان ههنا التزويج. لأن سياق الآية يدل عليه حيث يقول سبحانه وتعالىوَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ٱلْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ ٱلْمُؤْمِنَات } النساء 25 والله أعلم. والآية الكريمة سياقها في الفتيات المؤمنات، فتعين أن المراد بقوله { فَإِذَآ أُحْصِنَّ } أي تزوجن كما فسره ابن عباس وغيره اهـ محل الغرض منه بلفظه. فإذا علمت ذلك فاعلم أن في قوله تعالى { وَٱلْمُحْصَنَاتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ } النساء 24 الآية - أوجه من التفسير هي أقوال للعلماء، والقرآن يفهم منه ترجيح واحد معين منها. قال بعض العلماء المراد بالمحصنات هنا أعم من العفائف والحرائر والمتزوجات، أي حرمت عليكم جميع النساء إلا ما ملكت أيمانكم بعقد صحيح أو ملك شرعي بالرق، فمعنى الآية على هذا القول تحريم النساء كلهن إلا بنكاح صحيح أو تسر شرعي، وإلى هذا القول ذهب سعيد بن جبير وعطاء والسدي، وحكي عن بعض الصحابة واختاره مالك في الموطأ. وقال بعض العلماء المراد بالمحصنات في الآية الحرائر، وعليه فالمعنى وحرمت عليكم الحرائر غير الأربع، وأحل لكم ما ملكت أيمانكم من الإماء، وعليه فالاستثناء منقطع. وقال بعض العلماء المراد بالمحصنات المتزوجات، وعليه فمعنى الآية وحرمت عليكم المتزوجات. لأن ذات الزوج لا تحل لغيره إلا ما ملكت أيمانكم بالسبي من الكفار، فإن السبي يرفع حكم الزوجية الأولى في الكفر وهذا القول هو الصحيح، وهو الذي يدل القرآن لصحته. لأن القول الأول فيه حمل ملك اليمين على ما يشمل ملك النكاح، وملك اليمين لم يرد في القرآن إلا بمعنى الملك بالرق، كقولهفَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ ٱلْمُؤْمِنَات } النساء 25 وقولهوَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ } الأحزاب 50 وقولهوَٱلصَّاحِبِ بِٱلجَنْبِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } النساء 36 وقولهوَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ }

السابقالتالي
2 3 4 5