الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي ٱلْكَلاَلَةِ إِن ٱمْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّهَآ وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا ٱلثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُوۤاْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَآءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

قوله تعالى { فَإِن كَانَتَا ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا ٱلثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ } الآية. صرح في هذه الآية الكريمة بأن الأختين يرثان الثلثين، والمراد بهما الأختان لغير أم، بأن تكونا شقيقتين أو لأب بإجماع العلماء، ولم يبين هنا ميراث الثلاث من الأخوات فصاعداً، ولكنه أشار في موضع آخر إلى أن الأخوات لا يزدن على الثلثين، ولو بلغ عددهن ما بلغ وهو قوله تعالى في البناتفَإِن كُنَّ نِسَآءً فَوْقَ ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ } النساء 11 ومعلوم أن البنات أمس رحماً وأقوى سبباً في الميراث من الأخوات، فإذا كن لا يزدن على الثلثين ولو كثرن فكذلك الأخوات من باب أولى، وأكثر علماء الأصول على أن فحوى الخطاب أعني مفهوم الموافقة الذي المسكوت فيه أولى بالحكم من المنطوق، من قبيل دلالة اللفظ، لا من قبيل القياس، خلافاً للشافعي وقوم، وكذلك المساوي على التحقيق فقوله تعالىفَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ } الإسراء 23 يفهم منه من باب أولى حرمة ضربهما وقولهفَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ } الزلزلة 7 الآية. يفهم منه من باب أولى أن من عمل مثقال جبل يراه من خير وشر وقولهوَأَشْهِدُواْ ذَوَي عَدْلٍ مِّنكُمْ } الطلاق2 يفهم من باب أولى قبول شهادة الثلاثة والأربعة مثلاً من العدول، ونهيه صلى الله عليه وسلم عن التضحية بالعوراء، يفهم منه من باب أولى النهي عن التضحية بالعمياء، وكذلك في المساوي، فتحريم أكل مال اليتيم يفهم منه بالمساواة منع أحراقه وإغراقه، ونهيه صلى الله عليه وسلم عن البول في الماء الراكد، يفهم منه كذلك أيضاً النهي عن البول في إناء وصبه فيه، وقوله صلى الله عليه وسلم " من أعتق شركاً له في عبد " الحديث. يفهم منه كذلك أن الأمة كذلك، ولا نزاع في هذا عند جماهير العلماء وإنما خالف فيه بعض الظاهرية. ومعلوم أن خلافهم في مثل هذا، لا أثر له، وبذلك تعلم أنه تعالى لما صرح بأن البنات وإن كثرن ليس لهن غير الثلثين، علم أن الأخوات كذلك من باب أولى والعلم عند الله تعالى.