قوله تعالى { وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَّرِيداً }. المراد في هذه الآية. بدعائهم الشيطان المريد عبادتهم له ونظيره قوله تعالى{ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يٰبَنِيۤ آدَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ ٱلشَّيطَانَ } يس 60 الآية. وقوله عن خليله إبراهيم مقرراً له{ يٰأَبَتِ لاَ تَعْبُدِ ٱلشَّيْطَانَ } مريم 44 وقوله عن الملائكة بل كانوا يعبدون الجن الآية وقوله{ وَكَذٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ } الأنعام 137 ولم يبين في هذه الآيات ما وجه عبادتهم للشيطان ولكنه بين في آيات أخر أن معنى عبادتهم للشيطان إطاعتهم له واتباعهم لتشريعه وإيثاره على ما جاءت به الرسل من عند الله تعالى كقوله{ وَإِنَّ ٱلشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىۤ أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ } الأنعام 121 وقوله{ ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ } التوبة 31 الآية " فإن عدي بن حاتم رضي الله عنه لما قال للنبي صلى الله عليه وسلم كيف اتخذوهم أرباباً؟ قال له النَّبي صلى الله عليه وسلم " إنهم أحلوا لهم ما حرم الله وحرموا عليهم ما أحل الله فاتبعوهم " وذلك هو معنى اتخاذهم إياهم أرباباً ويفهم من هذه الآيات بوضوح لا لبس فيه أن من اتبع تشريع الشيطان مؤثراً له على ما جاءت به الرسل، فهو كافر بالله، عابد للشَّيطان، متخذ الشيطان رباً وإن سمى اتباعه للشيطان بما شاء من الأسماء. لأن الحقائق لا تتغير بإطلاق الألفاظ عليها كما هو معلوم.