الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِذَا قَضَيْتُمُ ٱلصَّلَٰوةَ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ فَإِذَا ٱطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَٰوةَ إِنَّ ٱلصَّلَٰوةَ كَانَتْ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ كِتَٰباً مَّوْقُوتاً }

قوله تعالى { إِنَّ ٱلصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً }. ذكر في هذه الآية الكريمة أن الصلاة كانت ولم تزل على المؤمنين كتاباً أي شيئاً مكتوباً عليهم واجباً حتماً موقوتاً أي له أوقات يجب بدخولها ولم يشر هنا إلى تلك الأوقات، ولكنه أشار لها في مواضع أخر كقولهأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ ٱلْلَّيْلِ وَقُرْآنَ ٱلْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ ٱلْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً } الإسراء 78 فأشار بقوله { لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ } وهو زوالها عن كبد السماء على التحقيق إلى صلاة الظهر والعصر وأشار بقوله { إِلَىٰ غَسَقِ ٱلْلَّيْلِ } وهو ظلامه إلى صلاة المغرب والعشاء وأشار بقوله { وَقُرْآنَ ٱلْفَجْرِ } إلى صلاة الصبح وعبر عنها بالقرآن بمعنى القراءة. لأنها ركن فيها من التعبير عن الشيء باسم بعضه. وهذا البيان أوضحته السنة إيضاحاً كلياً، ومن الآيات التي أشير فيها إلى أوقات الصلاة كما قاله جماعة من العلماء. قوله تعالىفَسُبْحَانَ ٱللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ ٱلْحَمْدُ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ } الروم 17-18 قالوا المراد بالتسبيح في هذه الآية الصلاة وأشار بقوله { حِينَ تُمْسُونَ } إلى صلاة المغرب والعشاء وبقوله { وَحِينَ تُصْبِحُونَ } إلى صلاة الصبح وبقوله { وَعَشِيًّا } إلى صلاة العصر وبقوله { وَحِينَ تُظْهِرُونَ } إلى صلاة الظهر، وقوله تعالىوَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ ٱلْلَّيْلِ } هود 114. وأقرب الأقوال في الآية أنه أشار بطرفي النهار إلى صلاة الصبح أوله وصلاة الظهر والعصر آخره أي في النصف الأخير منه وأشار بزلف من الليل إلى صلاة المغرب والعشاء. وقال ابن كثير يحتمل أن الآية نزلت قبل فرض الصلوات الخمس، وكان الواجب قبلها صلاتان صلاة قبل طلوع الشمس، وصلاة قبل غروبها، وقيام الليل، ثم نسخ ذلك بالصلوات الخمس، وعلى هذا فالمراد بطرفي النهار بالصلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها والمراد بزلف من الليل قيام الليل. قال مقيده - عفا الله عنه - الظاهر أن هذا الاحتمال الذي ذكره الحافظ ابن كثير - رحمه الله - بعيد. لأن الآية نزلت في أبي اليسر في المدينة بعد فرض الصلوات بزمن فهي على التحقيق مشيرة لأوقات الصلاة، وهي آية مدنية في سورة مكية وهذه تفاصيل أوقات الصلاة بأدلتها المبينة لها من السنة، ولا يخفى أن لكل وقت منها أولا وآخراً، أما أول وقت الظهر فهو زوال الشمس عن كبد السماء بالكتاب والسنة والإجماع، أما الكتاب فقوله تعالىأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ } الإسراء 78 فاللام للتوقيت ودلوك الشمس زوالها عن كبد السماء على التحقيق. وأما السنة فمنها حديث أبي برزة الأسلمي عند الشيخين. كان النَّبي صلى الله عليه وسلم يصلي الهجير التي تدعونها الأولى حين تدحض الشمس الحديث، ومعنى تدحض تزول عن كبد السماء. وفي رواية مسلم حين تزول.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد