الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَـفَرُوۤاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَـآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ }

قوله تعالى: { وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَـفَرُوۤاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَراً }.

الزمر الأفواج المتفرقة، واحدة زمرة، وقد عبر تعالى عنها هنا بالزمر، وعبر عنها في الملك بالأفواج في قوله تعالى:كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ } [الملك: 8] الآية، وعبر عنها في الأعراف بالأمم في قوله تعالى:قَالَ ٱدْخُلُواْ فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ مِّن ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ فِي ٱلنَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّىٰ إِذَا ٱدَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعاً قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ } [الأعراف: 38] الآية.

وقال في فصلتوَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ } [فصلت: 25] وقال تعالى:هَـٰذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ لاَ مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُو ٱلنَّارِ } [ص: 59].

ومن إطلاق الزمر على ما ذكرنا قوله:
وترى الناس إلى منزله   زمراً تنتابه بعد زمر
وقول الراجز:
إن العفاة بالسيوب قد غمر   حتى احزألت زمراً بعد زمر
قوله تعالى: { حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا }.

لم يبين جل وعلا هنا عدد أبوابها المذكورة، ولكنه بين ذلك، في سورة الحجر في قولهوَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ } [الحجر: 43ـ44].

وقوله تعالى: { فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا } قرأه نافع وابن كثير وأبو عمر وابن عامر: (فُتِّحت) بتشديد التاء دلالة على التكثير. وقرأه عاصم وحمزة والكسائي (فُتحت) بتخفيف التاء.

قوله تعالى: { وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَـآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ }.

قد قدمنا الآيات الموضحة له، في سورة بني إسرائيل، في الكلام على قوله تعالى:وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً } [الإسراء: 15].