الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ صۤ وَٱلْقُرْآنِ ذِي ٱلذِّكْرِ }

قرأه الجمهور: ص بالسكون منهم القراء السبعة، والتحقيق أن ص من الحروف المقطعة في أوائل السور كص في قوله تعالىالۤمۤصۤ } [الأعراف: 1]، وقوله تعالى:كۤهيعۤصۤ } [مريم: 1].

وقد قدمنا الكلام مستوفى على الحروف المقطعة في أوائل السور في أول سورة هود، فأغنى ذلك عن إعادته هنا.

وبذلك التحقيق المذكور، تعلم أن قراءة من قرأ ص بكسر الدال غير منونة، ومن قرأها بكسر الدال منونة، ومن قرأها بفتح الدال، ومن قرأها بضمها غير منونة، كلها قراءات شاذة لا يعول عليها.

وكذلك تفاسير بعض العلماء المبنية على تلك القراءات، فإنها لا يعوّل عليها أيضاً.

كما روي عن الحسن البصري رحمه الله أنه قال: إن صاد بكسر الدال فعل أمر من صادى يصادي مصاداة إذا عارض، منه الصدى. وهو ما يعارض الصوت في الأماكن الصلبة الخالية من الأجسام، أي عارض بعملك القرآن وقابله به، يعني امتثل أوامره واجتنب نواهيه واعتقد عقائده واعتبر بأمثاله واتعظ بمواعظه.

وعن الحسن أيضاً: أن ص بمعنى حادث وهو قريب من الأول.

وقرأءة ص بكسر الدال غير منونة: مروية عن أُبي بن كعب، والحسن وابن أبي إسحاق وأبي السمال وابن أبي عيلة ونصر بن عاصم.

والأظهر في هذه القراءة الشاذة، أن كسر الدال سببه التخفيف لالتقاء الساكنين وهو حرف هجاء لا فعل أمر من صادى.

وفي رواية عن ابن أبي إسحاق، أنه قرأ { صۤ } بكسر الدال مع التنوين على أنه مجرور بحرف قسم محذوف، وهو كما ترى، فسقوطه ظاهر.

وكذلك قراءة من قرأ { صۤ } بفتح الدال من غير تنوين، فهي قراءة شاذة والتفاسير المبنية إليها ساقطة.

كقول من قال: صاد محمد قلوب الناس واستمالهم حتى آمنوا به.

وقول من قال: هو منصوب على الإغراء.

أي الزموا صاد، أي هذه السورة، وقول من قال معناه اتل، وقول من قال: إنه منصوب بنزع الخافض، الذي هو حرف القسم المحذوف.

وأقرب الأقوال على هذه القراءة الشاذة، أن الدال فتحت تخفيفاً لالتقاء الساكنين، واختير فيها الفتح إتباعاً للصاد، ولأن الفتح أخف الحركات، وهذه القراءة المذكورة قراءة عيسى بن عمر، وتروى عن محبوب عن أبي عمرو.

وكذلك قراءة من قرأ صاد بضم الدال من غير تنوين، على أنه علم للسورة، وأنه خبر مبتدأ محذوف، والتقدير هذه صاد وأنه منع من الصرف للعلمية والتأنيث لأن السورة مؤنثة لفظاً.

وهذه القراءة مروية عن الحسن البصري وابن السميقع وهرون الأعور.

ومن قرأ صاد بفتح الدال قرأ: ق، ون كذلك، وكذلك من قرأها { صۤ } بضم الدال فإنه قرأقۤ } [ق: 1]: ونۤ } [القلم: 1] بضم الفاء والنون.

والحاصل أن جميع هذه القراءات، وجميع هذه التفاسير المبنية عليها، كلها ساقطة، لا معوّل عليها.

السابقالتالي
2 3 4 5