الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُواْ تَعْقِلُونَ }

قوله: { جِبِلاًّ كَثِيراً }. أي خلقاً كثيراً كقوله تعالى:وَٱتَّقُواْ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ وَٱلْجِبِلَّةَ ٱلأَوَّلِينَ } [الشعراء: 184]، وما تضمنته هذه الآية الكريمة، من كون الشيطان أضل خلقاً كثيراً من بني آدم جاء مذكوراً في غير هذا الموضع، كقوله تعالى:وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَامَعْشَرَ ٱلْجِنِّ قَدِ ٱسْتَكْثَرْتُمْ مِّنَ ٱلإِنْسِ } [الأنعام: 128] أي قد استكثرتم أيها الشياطين، من إضلال الإنس، وقد قال إبليس: لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلاً، وقد بيّن تعالى أن هذا الظن الذي ظنه بهم من أنه يضلهم جميعاً إلا القليل، صدقه عليهم، وذلك في قوله تعالى:وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَٱتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [سبأ: 20] كما تقدّم إيضاحه. وقرأ هذا الحرف نافع وعاصم: { جِبِلاًّ } بكسر الجيم والباء، وتشديد اللام وقرأه ابن كثير وحمزة والكسائي: { جِبِلاًّ } بضم الجيم، والباء وتخفيف اللام، وقرأه أبو عمرو وابن عامر: (جُبْلاً) بضم الجيم وتسكين الباء مع تخفيف اللام، وجميع القراءات بمعنى واحد أي خلقاً كثيراً.