الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَأْتِينَا ٱلسَّاعَةُ قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }

قوله تعالى: { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَأْتِينَا ٱلسَّاعَةُ قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ }.

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن الكفار أنكروا البعث، وقالوا: لا تأتينا الساعة: أي القيامة، وأنه جل وعلا أمر نبيه أن يقسم لهم بربه العظيم أن الساعة سوف تأتيهم مؤكداً ذلك توكيداً متعدداً.

وما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة من إنكار الكفار للبعث جاء موضحاً في آيات كثيرة كقوله تعالىوَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ ٱللَّهُ مَن يَمُوتَ } [النحل: 38] وقوله تعالى:وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحيِي ٱلْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ } [يس: 78] وقوله تعالى:وَيَقُولُ ٱلإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً } [مريم: 66] وقوله تعالى عنهم:وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ } [الأنعام: 29]وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ } [الدخان: 35] والآيات بمثل ذلك كثيرة جداً، وما ذكره جل وعلا من أنه أمر نبيه بالإقسام لهم على أنهم يبعثون، جاء موضحاً في مواضع أخر.

قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية الكريمة: هذه إحدى الآيات الثلاث التي لا رابعة لهن مما أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقسم بربه العظيم على وقوع المعاد، لما أنكره من أنكره من أهل الكفر والعناد، فإحداهن في سورة يونس عليه السلام وهي قوله تعالى:وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّيۤ إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ } [يونس: 53] والثانية هذه: { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَأْتِينَا ٱلسَّاعَةُ قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ } [سبأ: 3] والثالثة: في سورة التغابن وهي قوله تعالى:زَعَمَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَن لَّن يُبْعَثُواْ قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ } [التغابن: 7] الآية.

وقد قدمنا البراهين الدالة على البعث بعد الموت من القرآن في سورة البقرة، وسورة النحل وغيرهما.

وقد قدمنا الآيات الدالة على إنكار الكفار البعث، وما أعدّ الله لمنكري البعث من العذاب في الفرقان في الكلام على قوله تعالى:وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِٱلسَّاعَةِ سَعِيراً } [الفرفان: 11] وفي مواضع أخر. وقوله: قل بلى لفظة بلى قد قدمنا معانيها في اللغة العربية بإيضاح في سورة النحل في الكلام على قوله تعالى:فَأَلْقَوُاْ ٱلسَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوۤءٍ بَلَىٰ } [النحل: 28] الآية.

قوله تعالى: { عَالِمِ ٱلْغَيْبِ لاَ يَعْزُبَ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }.

وما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة من أنه لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض، ولا أصغر من ذلك، ولا أكبر جاء موضحاً في آيات أخر كقوله تعالى:وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُواْ مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذٰلِكَ وَلاۤ أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }

السابقالتالي
2