الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي ٱلأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ }

قوله تعالى: { وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ }.

معناه لا تتكبر على الناس. ففي الآية نهي عن التكبر على الناس، والصعر الميل، والمتكبر يميل وجهه عن الناس، متكبراً عليهم، معرضاً عنهم، والصعر الميل وأصله: داء يصيب البعير يلوي منه عنقه، ويطلق على المتكبر يلوي عنقه، ويميل خده عن الناس تكبراً عليهم، ومنه قول عمرو بن حنى التغلبي:
وكنا إذا الجبار صعّر خده   أقمنا له من ميله فتقوّما
وقول أبي طالب:
وكنا قديماً لا نقر ظلامة   إذا ما ثنوا صعر الرؤوس نقيمها
ومن إطلاق الصعر على الميل قول النمر بن تولب العلكي:
إنا أتيناك وقد طال السفر   نقود خيلا ضمرا فيها صعر
وإذا علمت أن معنى قوله: { وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ } لا تتكبر عليهم.

فاعلم أنا قدمنا في سورة الأعراف في الكلام على قوله تعالى:فَٱهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَٱخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ ٱلصَّاغِرِينَ } [الأعراف: 13] الآيات القرآنية الدالة على التحذير من الكبر المبينة لكثرة عواقبه السيئة، وأوضحنا ذلك مع بعض الآيات الدالة على حسن التواضع، وثناء الله على المتواضعين.

قوله تعالى: { وَلاَ تَمْشِ فِي ٱلأَرْضِ مَرَحاً }.

قد قدمنا إيضاحه وتفسير الآية في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى:وَلاَ تَمْشِ فِي ٱلأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ ٱلأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ ٱلْجِبَالَ طُولاً } [الإسراء: 37].