الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَٱلإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْبَعْثِ فَهَـٰذَا يَوْمُ ٱلْبَعْثِ وَلَـٰكِنَّكُمْ كُنتمْ لاَ تَعْلَمُونَ }

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن الكفار إذا بعثوا يوم القيامة، وأقسموا أنهم ما لبثوا غير ساعة يقول لهم الذين أوتوا العلم والإيمان، ويدخل فيهم الملائكة، والرسل، والأنبياء، والصالحون: والله لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث، فهذا يوم البعث، ولكنكم كنتم لا تعلمون.

وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية الكريمة جاء موضحاً في سورة يس على أصح التفسيرين، وذلك في قوله تعالى:قَالُواْ يٰوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَاَ } [يس: 52].

والتحقيق أن هذا قول الكفار عند البعث، والآية تدل دلالة لا لبس فيها، على أنهم ينامون نومة قبل البعث كما قاله غير واحد، وعند بعثهم أحياء من تلك النومة التي هي نومة موت يقول لهم الذين أوتوا العلم والإيمان: هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون: أي هذا البعث بعد الموت، الذي وعدكم الرحمن على ألسنة رسله، وصدق المرسلون في ذلك، كما شاهدتموه عياناً فقوله في يس:هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ } [يس: 52] قول الذين أوتوا العلم والإيمان، على التحقيق، وقد اختاره ابن جرير، وهو مطابق لمعنى قوله: { وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَٱلإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْبَعْثِ } الآية.

والتحقيق أن قوله هذا إشارة إلى ما وعد الرحمن وأنها من كلام المؤمنين، وليست إشارة إلى المرقد في قول الكفارمَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا } [يس: 52]، وقوله في كتاب الله: أي فيما كتبه وقدره وقضاه. وقال بعض العلماء: إن قوله:هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ } [يس: 52] الآية من قول الكفار، ويدل له قوله في الصافات:وَقَالُواْ يٰوَيْلَنَا هَـٰذَا يَوْمُ ٱلدِّينِ هَـٰذَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } [الصافات: 20ـ21] الآية.