الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ }

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن نبيه صلى الله عليه وسلم لا يهدي من أحب هدايته، ولكنه جل وعلا هو الذي يهدي من يشاء هداه، وهو أعلم بالمهتدين.

وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية جاء موضحاً في آيات كثيرة كقوله تعالى:إِن تَحْرِصْ عَلَىٰ هُدَاهُمْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ } [النحل: 37] الآية. وقوله:وَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَمْ يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ } [المائدة: 41] إلى غير ذلك من الآيات كما تقدم إيضاحه.

وقوله: { وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ } جاء معناه موضحاً في آيات كثيرة كقوله:إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱهْتَدَىٰ } [النجم: 30] وقوله تعالى:إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ } [الأنعام: 117] والآيات بمثل ذلك كثيرة، وقد أوضحنا سابقاً أن الهدى المنفى عنه صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى هنا: { إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ } هو هدى التوفيق، لأن التوفيق بيد الله وحده، وأن الهدى المثبت له صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى:وَإِنَّكَ لَتَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [الشورى: 52] هو هدى الدلالة على الحق والإرشاد إليه، ونزول قوله تعالى: { إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ } في أبي طالب مشهور معروف.